كيف سيواجه «الفيدرالي الأمريكي» أثر التعريفات الجمركية على التضخم ؟

كيف سيواجه «الفيدرالي الأمريكي» أثر التعريفات الجمركية على التضخم ؟
متداولون يعملون في بورصة نيويورك. "رويترز"

في خضم تصاعد التوترات التجارية وظهور أخبار فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية جديدة، سجلت الأسواق الأمريكية خامس أسرع تصحيح في تاريخها أخيرا، مع تزايد القلق من عودة التشديد النقدي بالتزامن مع تداعيات الرسوم الجمركية، إلا أن الاجتماع الأخير للفيدرالي كان الأكثر جرأة في التعامل مع سياسة الحمائية.

وفيما كان صناع السياسات المالية يتجنبون التوقع أو التكهن أوالتخمين بشأن أثر الرسوم الجمركية في التضخم، بدأ المركزي الأمريكي توقع الأثر بل وحدد توجهاته تجاهها، ليصبح رفع أسعار الفائدة ليس ضرورة لمواجهة التضخم الناتج عن التعريفة الجمركية لينتهج البنك الانتظار وتقييم التطورات بدلا من إجراء تعديلات فورية في السياسة النقدية استجابة لتلك التطورات التي قد يكون أثرها محدود الزمن.

هذا الموقف الحذر أعطى دفعة للمستثمرين، الذين رأوا أن استمرار السياسات الداعمة للنمو سيظل قائما على المدى القريب، ما عزز الثقة بالأسهم التي سجلت أفضل أداء بعد اجتماع الفيدرالي منذ منتصف 2022، رغم أنه لم يغير من سياسته النقدية أو مرات الخفض خلال العام، بل زاد توقعاته من التضخم والبطالة وانخفاض نمو الاقتصاد.

الرهان على التأثير المؤقت
أشار جيروم باول محافظ البنك المركزي الأمريكي في المؤتمر الصحفي، إلى أن تأثير الرسوم الجمركية في التضخم قد يكون عابرا، بحيث يمكن تجاهله دون الحاجة إلى تدخل فوري، بمعنى أن الأثر ينتهي بعد مرور عام من تطبيق الرسوم الجمركية وهذا يدعم إستراتيجية الانتظار بدلا من التحرك السريع.

كما أن بعض الارتفاع قد يأتي نتيجة التدافع للشراء قبل فرض الرسوم الجمركية، ما يرفع الأسعار، وهذا لا يعطي إشارة واضحة لأثر التعريفة، مع ذلك، لم يستبعد باول إمكانية تعديل المسار في حال تحول التضخم الناتج عن الرسوم الجمركية إلى أثر مستدام مبتعدا عن الهدف 2%.

التوازن بين النمو والتضخم
رغم توقع ارتفاع معدل التضخم لعام 2025 إلى 2.7% يبقى البنك ملتزما بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس خلال العام، مرجحا أن يصل سعر الفائدة إلى 3.9% في نهاية العام. ويعكس هذا التناقض الظاهري رؤية "الفيدرالي" التي تقوم على أن النمو الاقتصادي الضعيف يمكن أن يعوض التضخم المؤقت.

وأوضح باول في المؤتمر الصحفي، أن توقعات خفض أسعار الفائدة تستند إلى مزيج من انخفاض النمو وارتفاع التضخم الذي قد لا يدوم طويلا. كما أشار إلى أن مستوى عدم اليقين الحالي يجعل من الصعب التنبؤ بدقة، ما يدفع البنك إلى الحفاظ على مرونته دون تغيير مساره على الفور.

مراقبة قبل التدخل
في صميم إستراتيجيته، يؤكد الاحتياطي الفيدرالي على أهمية مراقبة البيانات الاقتصادية بدقة قبل اتخاذ أي خطوة جذرية. كما أفاد باول بأن الفيدرالي لن يتعجل في التحرك، مؤكدا أنه في وضع يمكنه من الانتظار حتى يتضح المشهد دون عجلة. وتلك الإستراتيجية، التي تقوم على فصل الإشارة عن الضوضاء والاعتماد على البيانات الصلبة، تساعد البنك على تقييم التأثير الحقيقي للرسوم الجمركية قبل تعديل السياسات.

الأكثر قراءة