دروس من رجل أعمال
تلقيت رسالة من الأخ والأستاذ الكبير "صلاح دياب" يسأل فيها عني، ويخبرني أنه يريد إعطائي نسخة من مذكراته التاريخية التي تحكي قصة حياته وكفاح منذ الطفولة وكيف دخل عالم التجارة من اوسع أبوابها، إضافة إلى نسخة أخرى للأستاذ عبدالله الفوزان. لم أتردد لحظة، فأرسلت شخصًا لاستلامها على الفور.
حقيقة كم كنت متشوقًا لقراءة ما كنت أتمناه منذ أشهر، لكن المفاجأة كانت أكبر عندما وجدت الإهداء مكتوبًا عليه: "إلى العزيز سلمان.. صديق كل العائلة". هذا الإهداء جعلني أشعر بدفء لا يوصف، ورغبة شديدة في الغوص في قصة إصرار وكفاح سمعت عنها كثيرًا ممن عرفوه أو قرأوا كتاباته التي كان يوقعها باسم مستعار: "نيوتن".
خلال 36 ساعة أو أقل، بدأت رحلة القراءة، حيث أبحرت في سطور مذكراته، متخيلًا كل تفاصيل مسيرة رجل بلغ الـ80 من عمره، ورسم بفطرة وذكاء عصارة تجاربه ودروسه للأجيال القادمة. الكلمات كانت مؤثرة لدرجة أنها وصلت إلى قلبي، وأثارت دموعًا خنقتني، خاصة عندما تذكرت حديثه عن الأيام التي عاشها وكتب عنها بصدق.
صلاح دياب.. الطفل، الشاب، الرجل، والحكيم المشاغب الذي تشتاق إليه حتى وأنت تقرأ أفكاره ومسيرة حياته. روح الإصرار التي تحلى بها منذ طفولته في كنف عائلة كبيرة، وتحديات البدايات عندما عاش بعيدًا عن والده، ومغامرات شاب تسلح بالعزيمة والمثابرة لتحقيق أحلامه، مع قليل من المشاغبات الشبابية التي تضيف لمسة إنسانية لسيرته.
تصميم عائلته على تعليمه ما كان يتمنوه له لم يكن أمرًا سهلًا، بل كان بداية مسيرة أثبتت شخصيته القوية وقدرته على تحقيق ما يريد، مدعومًا بتمكين عائلي وحب لا حدود له. ليثبت لنفسه وللآخرين أنه قادر على الإنجاز، بدءًا من أول مهمة عمل تسند إليه، مرورًا بأفكاره التجارية الأولى التي بدأها في الإجازة المدرسية.
مارس أعمالًا لم يكن خبيرًا فيها لم يخوض فيها بتجارب مسبقة وبالعزيمة طرق أبوابها بقوة ليفتح لها طريق نجاح جديد، وقد تسلح بالكفاءة والإرادة لتنفيذ ما كان يرسمه في ذهنه، وهذا كان نهجه في كل أعماله التجارية والصناعية وحتى الفكرية. بكل شفافية، أخذني إلى الدور الكبير الذي قامت به زوجته "عنايات الطويل"، وابنه "طارق"، وابنته "شهيرة" التي كانت تؤمن دائمًا بأن "أباها على حق"، وابنته الحنونة "عصمت"، الذين كتبوا بمشاعرهم الصادقة عن هذه القامة الكبيرة، "صلاح دياب".
كما وصف علاقاته مع قامات فكرية واقتصادية وسياسية، وما تعلمه منهم بوضوح وحكمة وكيف استفاد من آرائهم ونصائحهم. وتحدث عن التحديات التي واجهها في كل أعماله، متسلحًا بإيمانه بأنه قادر على تحويل الأحلام إلى واقع، ولم توقفه النكسات أو تهبط من همته.
إنه الأستاذ "صلاح دياب، رجل الأعمال والفكر، الذي عنون مسيرته بكتابه "هذا أنا"، ليكون شهادة حية على حياة مليئة بالتحديات والإنجازات، ودروسًا تلامس القلب وتلهم الأجيال ويستفيد منها كثيرون من الذين يبحثون عن طرق النجا والاستفادة من تجارب الآخرين في هذه الحياة المتشعبة الاتجاهات والطرق.