ترمب والثاني من أبريل!

طالما رأى الرئيس ترمب أن الدول الحليفة فضلا عن غيرها، قد استغلت اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة منذ التسعينيات لصالحها بما ألحق الضرر باقتصاد بلاده حسبما يراه، ورغم بدء الرئيس ترمب منذ أول يوم لتنصيبه بسلسلة من القرارات تخص زيادة الضرائب والتعريفات الجمركية ضد عدد من الدول، إلا أن ترمب أطلق على يوم الثاني من أبريل المقبل "يوم تحرير أمريكا"، قاصدا بذلك تحرير الاقتصاد الأمريكي من البلدان التي طالما استغلت بلاده من خلال اتفاقيات التجارة الحرة ورفعت من صادراتها للولايات المتحدة، في الوقت ذاته فهي ترفع من أسعار المنتجات الأمريكية في مناطقها، ما يسبب عزوف المستهلكين وعدم إقبالهم على المنتجات الأمريكية، ما يعتبره الرئيس ترمب استغلالا حسب رأيه (إن صح ذلك)، لذك يتوعد ترمب في الثاني من أبريل بسلسلة جديدة من الرسوم والضرائب وزيادة التعريفات الجمركية على عدة دول، لكنها هذه المرة ربما تكون بشكل أوسع وأشمل لتنضم إلى بقية الدول التي أعلن عنها سابقاً.
ورغم ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة نسبيا الفترة الأخيرة، وتصريح رئيس الفيدرالي بأن تداعيات الحرب التجارية التي يخوضها الرئيس ترمب غير واضحة المعالم حتى الآن من حيث انعكاساتها سلبا أو إيجابا على الاقتصاد الأمريكي، كما أن مسؤولي الفيدرالي أنفسهم قد خفّضوا تقديراتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة خلال عام 2025 بأربع نقاط إلى 1.7% من 2.1% المتوقعة سابقا، كما توقعوا أن يبلغ التضخم الأساسي 2.8% بنهاية العام، بعد تعديله بالزيادة من 2.5% سابقاً، ومن ناحية أخرى قفز متوسط ​​توقعات المستهلكين للتضخم على مدى 12 شهراً إلى 5.1%، وهو أعلى مستوى له منذ مايو 2023، وذلك أيضاً ورغم المسح الذي أجرته هيئة "كونفرانس بورد" خلال الأسبوع الجاري الذي أظهر هبوط ثقة المستهلك الأمريكي إلى أدنى مستوى لها في أكثر من أربع سنوات، حيث انخفض مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن الهيئة الثلاثاء الماضي 7.2 نقطة إلى 92.9 هذا الشهر، وهو أدنى مستوى له منذ يناير 2021، ووصل مقياس التوقعات المستقبلية في المسح إلى أدنى مستوى له في 12 عاماً، أما نسبة المستهلكين الذين يتوقعون ركوداً اقتصادياً خلال الـ12 شهراً المقبلة فقد استقرت عند أعلى مستوى لها في 9 أشهر، كما انخفض مؤشر التوقعات في مسح "كونفرانس بورد" الذي يستند إلى توقعات المستهلكين قصيرة الأجل للدخل والأعمال وظروف سوق العمل، إلى 65.2 نقطة وهو أدنى مستوى له منذ مارس 2013، وأقل بكثير من عتبة 80 التي عادة ما تشير إلى ركود اقتصادي.
رغم كل هذه المعطيات لا يزال الرئيس ترمب يزيد من شراسة حربه التجارية من خلال زيادة التعريفات الجمركية، ويتوعد كل فترة بمزيد منها، متجاهلا كل المعطيات التي تشير إلى حالة عدم اليقين التي يمر بها اقتصاد بلاده.
كل ما سبق لا شك أنه انعكس سلبا على الأسواق الأمريكية التي أصبحت تترنح بين الصمود تارة والارتداد تارة أخرى مستغلة كل يوم يمر عليها دون الحديث عن الحروب التجارية والزيادات ومواقف الدول منها، وباختصار فالأسواق أصبحت تستغل كل يوم يصمت فيه الرئيس ترمب دون تهديد أو وعيد إما بمحاولة الارتداد أو الصمود، والمفارقة أن الأسواق نفسها أول من استبشر بقدومه، حيث كانت العلاقة بينهما إبان رئاسته الأولى كما يقال أحلى من السمن على العسل، فهل تستمر العلاقة بينهما على هذا النحو المتضاد حالياً، أم ستعود المياه إلى مجاريها كما كانت عليه سابقا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي