قطاع الضيافة .. أرقام ضخمة من أجل راحة الحجاج والمعتمرين

قطاع الضيافة .. أرقام ضخمة من أجل راحة الحجاج والمعتمرين
نما قطاع الضيافة في مكة 80% خلال عام 2024.

يحزم ملايين المسلمين حقائب السفر ويهرولون بها إلى مطارات العالم المختلفة استعدادا لزيارة أقدس الأماكن في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بينما في الوقت نفسه يعمل عشرات الآلاف ليل نهار من أجل ضيافة كل هؤلاء منذ اللحظة التي يصلون فيها إلى أرض المملكة إلى حين مغادرتها، وتتضمن الاستعدادات توفير الفنادق والشقق والمطاعم ووسائل النقل وكل ما يحتاجه الزوار في مهمة شاقة أشادت بها منظمات دولية، مثل منظمة الصحة العالمية، التي وصفت في عام 2021 نجاح السعودية في تنظيم مواسم العمرة والحج بالنجاح الاستثنائي.

هذا النجاح الذي يحدث أكثر من مرة خلال العام الواحد، سلط الضوء أكثر على قطاع الضيافة، خاصة في الأماكن المقدسة، وقد سجلت مكة المكرمة وحدها نسب نمو وصلت إلى 80% في عام 2024 مقارنة بـ2023، وذلك بعد أن بلغ عدد الفنادق وشقق الضيافة المرخصة أكثر من 1000 مرفق مرخص بحسب بيانات وزارة السياحة، وتعود تلك الطفرة إلى الحرص على ضمان حقوق الزوار والمعتمرين في الاستفادة من كافة الخدمات.

ووفقًا للجنة الوطنية للحج والعمرة والزيارة، فإن هناك أكثر من 1150 فندقا في مكة المكرمة وأكثر من 260 ألف غرفة فندقية، علاوة على الشقق الفندقية التي تتخطى الـ4000 شقة، وذلك قبل إعلان إدارة الضيافة القابضة "إتش إم إتش" عن إضافة 1300 غرفة فندقية جديدة خلال العام الجاري، أما المدينة المنورة فتحتوي على 347 فندقا حتى نهاية 2024 كما يوجد بداخلها نحو 1500 شقة فندقية.

ما وصل إليه قطاع الضيافة في الأماكن المقدسة لم يكن إلا جزءا من رؤية أشمل بدأت مع إطلاق رؤية 2030 التي استهدفت النهوض بهذا القطاع خاصة في المواسم الدينية باعتبارها الأكثر حضورًا خلال العام، ومن أجل ذلك أطلقت المملكة في 2016 برنامج "ضيوف الرحمن" الذي استهدف تحسين تجربة الحجاج والمعتمرين من خلال تطوير البنية التحتية والخدمات المقدمة.

كما استهدف البرنامج زيادة الطاقة الاستيعابية وتطوير المطارات وتوسيع شبكات النقل وإنشاء نظم تكنولوجية تتجسد في تطبيقات مثل "توكلنا" و"نسك" ومشاريع مثل قطار الحرمين السريع وغيره، وكانت النتيجة أن وصل عدد المعتمرين والحجاج إلى 18.5 مليون شخص في عام 2024 بحسب وزارة الحج والعمرة.

بالتوازي مع ذلك، قدمت وزارة السياحة تسهيلات كبيرة لشركات الضيافة من أجل استيعاب تلك الأعداد المتزايدة، مثل تخفيض رسوم التشغيل بنسبة 33% والإعفاء من الرسوم البلدية وإتاحة الوسائط المباشرة لتقديم الشكاوى والملاحظات، وبعد عامين فقط نما قطاع الضيافة بمعدل 13% ووصل عدد الغرف الفندقية إلى أكثر من 40 ألفا داخل المملكة، قبل أن يتسارع النمو الذي وصل في أول ثلاثة أشهر من عام 2024 إلى أكثر من 3950 مرفق ضيافة بنسبة زيادة وصلت إلى 99% مقارنة بعام 2023، كما ارتفع عدد الغرف المرخصة إلى أكثر من 442 ألف غرفة.

بالأرقام وصلت استثمارات قطاع الضيافة والسياحة والترفيه إلى 444.3 مليار ريال سعودي ما يشكل 11.5 % من الاقتصاد الوطني، بحسب دراسة شركة نايت فرانك المتخصصة في هذا القطاع، كما سجلت الغرف الفندقية إيرادات بلغت 5.6 مليار دولار في 2024 بنسبة نمو 3.5 % مقارنة بعام 2023 وارتفاع بنسبة 26% مقارنة بعام 2019.

وتصدرت الرياض والمدينة المنورة قائمة الأكثر إشغالا بحسب نفس المصدر، مع توقعات أن تصل استثمارات الضيافة فقط إلى 110 مليارات دولار بحلول عام 2030، وسط جهود بتعزيز هذا القطاع الحيوي بإضافة 362 ألف غرفة فندقية جديدة خلال السنوات القليلة المقبلة.

هذه السوق هي ما أغرت شركات كبرى بالاستثمار في قطاع الضيافة خاصة في الأماكن المقدسة، مثل مجموعة فنادق الخليج، التي أكدت على لسان رئيسها التنفيذي أحمد جناحي في فبراير الماضي أن أعلى نسبة أرباح سجلتها المجموعة كان في المملكة، بسبب النمو المتسارع وزيادة عدد السياح الوافدين إليها، كما أكد أن مجموعته ستتوسع في أماكن كثيرة أبرزها الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة.

كما وقعت شركة "أديرا" التابعة لصندوق الاستثمارات العامة مذكرة تفاهم مع وزارة السياحة في يناير الماضي، بهدف تطوير قطاع الضيافة من خلال الاستثمار في الموارد الوطنية وتوفير فرص عمل متميزة للسعوديين، وأيضا في العام المنصرم قفزت أرباح شركة طيبة للاستثمار التابعة لصندوق الاستثمارات السعودي بنسبة 206% وفق إعلانها الأخير بقيمة 333.7 مليون ريال، نتيجة تحسن إيرادات قطاعات الشركة ولا سيما قطاع الضيافة.

من ناحية أخرى، أدى سماح السعودية للمستثمرين الأجانب بامتلاك أسهم في الشركات العقارية التي تعمل داخل حدود مكة والمدينة إلى وصول حجم الاستثمارات الأجنبية في السوق المالية السعودية إلى أكثر من 400 مليار ريال بنهاية 2024.

ما سبق ليس أكثر من بداية، فمشاريع مثل جبل عمر الذي يعد أكبر مشاريع التطوير داخل مكة، وأبراج كدي التي ستضم أكبر فندق في العالم بجانب مشروع طريق الملك عبد العزيز الذي يشمل مرافق متعددة حول المسجد الحرام، وغيرها في المدينة المنورة، دليل على أن قطاع الضيافة على موعد قريب مع قفزة في استثماراته وقيمته السوقية وفرص العمل التي سيخلقها، إذ تستهدف رؤية 2030 خلق أكثر من 400 ألف وظيفة في قطاع الفنادق فقط، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى، فإن ما يحدث داخل الأماكن المقدسة رسالة طمأنة للمسلمين حول العالم، أنه مهما بلغ عددهم فإن السعودية قادرة دومًا على إراحتهم لتأدية الشعائر المقدسة، بجيش من الجنود المجهولة التي تعمل على مدار الساعة.

الأكثر قراءة