50 شركة بريطانية تؤسس مقار في السعودية وتحفيز شراكات بـ7.7 مليار إسترليني
قال مدير التجارة والاستثمار البريطاني في السعودية ونائب المفوض التجاري لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وباكستان، بيتر آشبي، إن الحراك الاستثماري الذي يشهده الاقتصاد السعودي، دفع 50 شركة بريطانية لتأسيس مقار إقليمية، مع وجود أكثر من 1300 شركة عاملة.
أضاف آشبي في حوار خاص مع "الاقتصادية"، أن هناك 50 اتفاقية بريطانية سعودية في القطاعات ذات الأولوية حفزت شراكات بـ7.7 مليار إسترليني، متوقعا أن تنمو التجارة الثنائية البالغة قيمتها أكثر من 17 مليار إسترليني بشكل أكبر في المستقبل.
أوضح أن كلا البلدين يعملان لدعم اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول الخليج، بما يسهم في زيادة التجارة 16%، وإضافة 8.6 مليار إسترليني سنويا إلى التجارة.
فيما يتعلق بشراكات الطاقة النظيفة، قال: إن قيمتها تصل إلى 7.7 مليار إسترليني، ومن المقرر أن توفر 4 آلاف وظيفة في المملكة المتحدة، مضيفا أن جميع إصدارات السندات والصكوك السعودية من خلال بورصة لندن للأوراق المالية، أُجريت برأسمال بلغ 41.8 مليار دولار في العام الماضي وحده.
وتناول المفوض البريطاني كثيرا من النقاط المتعلقة بمستقبل الاستثمارات بين البلدين ونقاط التلاقي الاقتصادية بينهما. وإلى محصلة الحوار:
كيف ترى تطور العلاقات الاقتصادية بين السعودية والمملكة المتحدة، وما الخطوات لتعزيزها مستقبلا؟
تبلغ التجارة الثنائية حاليا أكثر من 17 مليار إسترليني، ومن المتوقع أن تنمو بشكل أكبر في المستقبل، خاصة مع تمتع البلدين بعلاقة تجارية وطيدة وعميقة منذ زمن طويل، مبنية على أسس متينة وبيئة من الصداقة والاحترام المتبادل.
وتبذل الحكومتان جهودا حثيثة لتعزيز علاقاتنا التجارية وصنع فرص عمل نوعية في قطاعات جديدة في إطار رؤية 2030 والإستراتيجية الصناعية البريطانية القادمة، ويتم التشاور في ذلك مع وزير التجارة ووزير الدولة البريطاني للأعمال والتجارة جوناثان رينولدز الدكتور ماجد القصبي، اللذان يقودان الركيزة الاقتصادية والاجتماعية لمجلس الشراكة الإستراتيجية البريطاني السعودي، حيث يتم الاتفاق على جميع المبادرات الإستراتيجية.
وكجزء من ذلك، أطلقنا حملة "مستقبل واعد" في مايو 2024، وهي مبادرة مشتركة لتعزيز التجارة والسياحة والابتكار والشراكات الثقافية، تدعم الحملة الشراكات بين الشركات البريطانية والسعودية في القطاعات ذات الأولوية، على سبيل المثال دعم سلاسل توريد المعادن الحيوية في منتدى المعادن المستقبلية أو التقدم في التكنولوجيا المدعومة بالذكاء الاصطناعي في مؤتمر "ليب".
بالطبع، مع تقدم رؤية 2030، ستكون هناك مزيد من الفرص لنا للعمل معا، فالمملكة المتحدة رائدة عالميا في العديد من القطاعات التي ستنمو في السعودية مثل التكنولوجيا المالية، وعلوم الحياة، والقطاعات الإبداعية، والثقافة، والرياضة، والبنية التحتية، وغيرها، لذا سنرى تعميق العلاقات التجارية، ومواصلة المملكة المتحدة لعب دورها كشريك موثوق للسعودية.
ـ مع توسع السعودية في جهودها للتنويع الاقتصادي، كيف تُنسق المملكة المتحدة لدعم هذا التحول؟
تُواءم المملكة المتحدة خبراتها استراتيجيا مع أولويات رؤية 2030، مع التركيز بشكل خاص على دعم تحوّل السعودية إلى القطاعات غير النفطية. كما نُركز على الصناعات التي تتفوق فيها المملكة المتحدة، بما في ذلك الطاقة، والخدمات المالية، والتكنولوجيا النظيفة، والتصنيع المتقدم، والابتكار الرقمي، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا الحيوية، والصناعات الإبداعية، والدفاع.
ومثال على ذلك فقد أعلنت شركة Phytome Life Sciences، ومقرها المملكة المتحدة، الشهر الماضي عن جسر تعاون بين المملكة المتحدة والسعودية في مجال الابتكار والاستثمار مع هيئة البحث والتطوير والابتكار (RDIA)، لتسريع البحث والتطوير والاستثمار في الأدوية والمواد والحلول الزراعية.
وبدأت جامعاتنا في المملكة المتحدة العمل في هذا المجال، ومن الأمثلة البارزة على ذلك الشراكة في مجال الذكاء الاصطناعي للأدوية الدقيقة بين الجامعة.
ـ مبادرة "المستقبل العظيم"، ما النتائج التي تحققت منها وكيف تسهم في تشكيل الشراكات؟
المبادرة كانت دليلا استثنائيا على القدرة التنافسية العالمية للشركات البريطانية والسعودية، وقد استضافت المملكة المتحدة أكثر من 450 من قادة الأعمال، وهو أكبر وأرفع وفد بريطاني إلى أي دولة منذ أكثر من عقد.
وأثمرت عن أكثر من 50 اتفاقية في القطاعات ذات الأولوية، وكان حافزا لشراكات بين البلدين تزيد قيمتها على 7.7 مليار جنيه إسترليني، ووفرت 4 آلاف فرصة عمل، التي أُعلنت خلال زيارة رئيس وزراء المملكة المتحدة في ديسمبر من العام الماضي.
ومن الأمثلة على ذلك شركة HYCAP البريطانية التي دخلت في شراكة مع شركات سعودية رائدة لاستثمار أكثر من 750 مليون جنيه إسترليني في حلول البنية التحتية للتنقل بالهيدروجين بين البلدين، ما أدى إلى تأمين أكثر من 1000 وظيفة في جميع أنحاء أيرلندا الشمالية وبقية المملكة المتحدة.
فيما تدعم المبادرة مشاركة الأعمال في المملكة المتحدة و السعودية، بما في ذلك فعاليات مصممة خصيصا مثل منتدى المهارات البريطاني السعودي في مبادرة القدرات البشرية ومعرض EDGEx التعليمي العالمي.
وهناك فعاليات إضافية ضمن المبادرة في الأفق، ونتطلع إلى دعم مزيد من الشراكات التجارية البريطانية السعودية في المستقبل.
ـ بعد هذه المبادرة، ما المعالم البارزة المقبلة في التعاون التجاري التي ينبغي للشركات مراقبتها؟
بالتأكيد هناك كثير مما نقوم به معا، ومن الأمثلة على ذلك شراكة ابتكارية جديدة، وهي المعهد الدولي المشترك للهيدروجين النظيف الذي أُعلن أخيرا، وهو اتحاد يضم جامعات سعودية وبريطانية بما في ذلك جامعة نيوكاسل، سيعمل مع شركاء الصناعة لخفض التكاليف والمخاطر المتعلقة بأحدث التقنيات لإنتاج وتخزين ونقل ودمج الهيدروجين في القطاعات الصناعية الحديثة، وتعزيز سمعة البلدين كقوى هندسية أكاديمية رائدة.
وسيواصل مجلس الشراكة الإستراتيجية تحديد مجالات جديدة للتعاون، ولا سيما في صناعات الجيل القادم التي تتوافق مع الإستراتيجيات الصناعية لكلا البلدين، علاوة على ذلك، يعمل كلا البلدين جاهدين لدعم اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول الخليج، التي ستمثل علامة فارقة في علاقاتنا التجارية بين المملكة المتحدة والسعودية.
من شأن هذا أن يزيد التجارة بين المملكة المتحدة ودول الخليج 16%، ويضيف 8.6 مليار إسترليني سنويا إلى التجارة، وبالطبع، من شأن هذا أن يساعد على تنمية العلاقات التجارية بين المملكة المتحدة والسعودية.
ـ المشاريع السعودية العملاقة، كيف تُسهم الشركات البريطانية بخبراتها في هذه التطورات؟
تُقدم الشركات البريطانية إسهامات كبيرة في مشاريع السعودية العملاقة، مُقدمة خبرات عالمية رائدة في الابتكار والاستدامة والتميز التقني، ويعمل أكثر من 30 ألف مواطن بريطاني في السعودية، ويعمل كثير منهم في مشاريع المملكة العملاقة.
ومن الأمثلة الرائعة على ذلك شركة "جرافين إنوفيشن" التي تتخذ مقرها في مانشستر، والتي أعلنت أخيرا عن أول مصنع إنتاج تجاري في العالم لألياف الكربون المُدعّمة بالجرافين في مشروع "نيوم"، وهي خطوةٌ رائدةٌ في مجال المواد المتقدمة المستدامة.
ويهدف المشروع إلى توليد استثمارات بقيمة 250 مليون إسترليني في مركز للبحث والابتكار في مانشستر الكبرى، ويتوقع أن يُوفر أكثر من 1000 وظيفة ماهرة في المنطقة.
ومن المتوقع أن يُسهم الإنتاج الكامل في المنشأة في توفير أكثر من 4500 وظيفة ماهرة في اقتصاد السعودية بحلول 2030، مُحققا إيرادات تتجاوز 1.6 مليار دولار.
وتظهر هذه الشراكات نقاط قوة السعودية والمملكة المتحدة في التكنولوجيا النظيفة، والمواد المتقدمة، والبنية التحتية المستدامة، وهي جميعها مكونات أساسية لمشاريع السعودية العملاقة الطموحة، وهي تنتقل من مرحلة الإستراتيجية إلى مرحلة التنفيذ.
ـ مع تركيز السعودية على الاستدامة والبنية التحتية الذكية، ما تأثير الشركات البريطانية في هذه المجالات؟
تُحدث الشركات البريطانية تأثيرات كبيرة في الاستدامة والبنية التحتية الذكية من خلال عديد من الابتكارات الرائدة، تُقدر قيمة شراكات الطاقة النظيفة بين المملكة المتحدة والسعودية بـ 7.7 مليار إسترليني، ومن المقرر أن توفر أكثر من 4 آلاف وظيفة في المملكة المتحدة.
على سبيل المثال، يُمثل تعاون شركة كاربون كلين مع أرامكو في تقنية احتجاز الكربون المعيارية ابتكارا رئيسيا يدعم أهداف الاستدامة في السعودية، كما أقامت شركة الجيل التالي لإدارة سلسلة التوريد شراكة مع شركة سيتي سيمنت السعودية لتوريد الخرسانة المستدامة، مع خطط لإنتاج 2.5 مليون طن من مواد الأسمنت والخرسانة المستدامة سنويا.
وتُظهر هذه المبادرات كيف تُساعد الخبرة البريطانية في التكنولوجيا النظيفة والمواد المستدامة السعودية على بناء البنية التحتية الذكية والمستدامة المُتوخاة في رؤية 2030.
ـ ما المزايا التنافسية التي تُضيفها الشركات البريطانية إلى قطاعي الخدمات المالية والمهنية في السعودية؟
تُقدم الشركات البريطانية خبرة استثنائية وانتشارا عالميا في قطاعي الخدمات المالية والمهنية، مدعومة بمكانة لندن كمركز مالي رائد عالميا.
على سبيل المثال في السعودية، أُجريت جميع إصدارات السندات والصكوك السعودية من خلال بورصة لندن للأوراق المالية (LSE)، برأسمال جُمع بلغ 41.8 مليار دولار في 2024 وحده، وهذا يُظهر الثقة العميقة التي تُوليها المؤسسات السعودية للأسواق المالية البريطانية، من خلال جلب هذه الخبرة في أسواق رأس المال إلى السعودية، تُساعد شركات الخدمات المالية البريطانية على تعزيز النظام المالي السعودي، ودعم تطوير أسواق رأسمال أكثر تطورا، وتسهيل وصول الشركات السعودية إلى الاستثمار العالمي وتعد جميعها عناصر أساسية لتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي لرؤية 2030.
ـ ما أكبر التحديات التي تواجهها الشركات في التجارة الثنائية، وكيف يمكن معالجتها نحو سلاسة أكثر؟
في الواقع، فوجئ عديد من الشركات البريطانية بسهولة ممارسة الأعمال التجارية في السعودية، لذا أود أن أقول إن التأكد من فهم قادة الأعمال للسوق بشكل كامل هو على الأرجح التحدي الأكبر، وبالطبع، فإن وتيرة التغيير والتنفيذ من خلال رؤية 2030 تعني أن مواكبة أحدث التطورات ليست بالأمر السهل.
السعودية بلد فريد من نوعه يتمتع بجهود استثنائية مع قادةٌ مُبتكرين في قطاع الأعمال والحكومة، لذا، أُشجّع جميع القادة المهتمين جديا بالشراكة في المملكة على القدوم وبناء علاقات مباشرة هنا.
وتلتزم الحكومتان بالعمل معا لتذليل العقبات أينما وُجدت، ويتمثل جزءٌ أساسيٌّ من ذلك في العمل على تحسين الوصول إلى الأسواق في كلا الاتجاهين من خلال اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول الخليج.
كما تهدف حملة "المستقبلٌ العظيم" إلى بناء تفاهم أعمق بين مجتمعي الأعمال لدينا، ومساعدة الشركات على التنقل في أسواق بعضها بعضا بفاعلية أكبر.
- بالنظر إلى المستقبل، ما المشاريع أو القطاعات الرئيسية التي ترونها فرصا كبيرة لتعاون البلدين؟
في وقت لاحق من هذا العام، من المُقرر أن تُطلق حكومة المملكة المتحدة إستراتيجية صناعية حديثة، تُؤكد هذه الإستراتيجية أهمية تشكيل الأسواق لمُواكبة التغيرات الاقتصادية العالمية المُتسارعة، بما يضمن بقاء المملكة المتحدة في طليعة الابتكار وفرص الاستثمار.
وستدعم هذه الإستراتيجية نموّ القطاعات الرائدة عالميا في المملكة المتحدة التي ستُعزز القدرة التنافسية العالمية في المُستقبل، مثل التصنيع المُتقدم، والطاقة النظيفة، والخدمات المالية والمهنية، والقطاع الرقمي، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا الحيوية، والصناعات الإبداعية، والدفاع، وبالطبع، هذا مُكمّل تماما لرؤية 2030.
تُمثّل الطاقة النظيفة قطاعا واعدا للغاية، كما يتضح من المعهد الدولي المشترك للهيدروجين النظيف والاستثمارات الكبيرة في مجال التنقل الهيدروجيني.
ويُوفّر التصنيع المُتقدّم، ولا سيّما الذي يشمل موادا مُبتكرة مثل ألياف الكربون المُدعّمة بالجرافين، إمكانات نموّ هائلة، كما تُقدّم قطاعات الصناعات الإبداعية والتكنولوجيا الرقمية والرعاية الصحية والتكنولوجيا الحيوية فرصا كبيرة للشركات البريطانية ذات الخبرة في هذه المجالات.
ويُتيح تركيز السعودية على تطوير البنية التحتية للسياحة والترفيه فرصا للشركات البريطانية ذات الخبرة في هذه القطاعات، إضافة إلى ذلك، ستظلّ الخدمات المالية والمهنية ذات أهمية مع تطويرها لأسواقها المالية وجذبها مزيدا من الاستثمارات الدولية.
ومع استمرار السعودية في تحقيق رؤية 2030 بشكل لافت، أرى إمكانات وفرصا كبيرة للشركات البريطانية والسعودية للإسهام في نموّ وازدهار اقتصادَي كل منهما.