الدمعة الحمراء
تعتبر قصة "الدمعة الحمراء" وهي من تأليف وشعر الأمير محمد الأحمد السديري ــــ رحمه الله ـــ من الأعمال الأدبية المهمة، وهي كما ذكر الشيخ عبد الله بن خميس أول نموذج يمثل جانبا من حياة البادية في قلب جزيرة العرب على حقيقته. و"الدمعة الحمراء" تحكي قصة حب عذري عفيف حدثت بين شاب وسيم، نبيل، شهم، وفي، ابن أسرة كريمة عريقة اسمه (وافي بن العراف)، وبين فتاة من قبيلة أخرى جميلة، خلوقة، محبوبة، من علية القوم اشتهر أبوها بالكرم، وحسن الطباع، وكان شيخ قبيلته، اسمها (شيمة بنت فاضل). نشأ هذا الحب بعد أن تجاورت قبيلتاهما في ظروف معينة، فالتقيا وهاما ببعضهما عشقا وغراما، وتكرر اللقاء المرة تلو الأخرى حتى ذاع خبر حبهما بين الناس، وبدأ الوشاة ينقلون أخبارا مكذوبة عن هذا الحب ويلطخونه، أرادا الزواج ولكن وقفت العادات والتقاليد القبلية حاجزا بينهما، رغم موافقة والدها.
وبدأت المؤامرة تحاك على هذا الحب الطاهر من قبل عم شيمة المدعو (مغضب)، وأبنائه الثلاثة: الغادر، ومزعل، ومجرم. وقاموا بإيذاء وافي وشيمة بكل الوسائل، وعانت شيمة ذلك كثيرا، وأصاب وافي من سهام غدرهم وافترائهم نصيبا وافرا. وطلب ابن عمها الغادر الزواج منها فرفضت رفضا قاطعا، وأصبحت بعد ذلك محجرة لا يستطيع أحد الزواج بها إلا برضى وموافقة ابن عمها الغادر، الذي يحمل كرها وحقدا خاصا لوافي، ولا يمكن أن يسمح له بالزواج من شيمة. وبدأ العاشقان يعيشان اللوعة والأسى، ونحل جسماهما مع طول الفراق، فقد رحلت شيمة مع والدها بعيدا عن نجد، وجن جنون وافي لفراقها وهام على وجهه بحثا عنها حتى وجدها، وقد شحب وجهها من المرض. ازداد مرض شيمة حتى ماتت، وسط حزن وبكاء من غالب أفراد قبيلتها وكل من عرفها ألما لفراقها.
رثاها وافي بقصائد باكية، وعزف بعدها عن الطعام حزنا عليها حتى مات ولحق بها. جاء والد شيمة إلى والد وافي معزيا، نادما على أنه لم يسهم في حماية هذا الحب وتتويجه بالزواج، نادما على إنصاته للوشاة، وعلى رضوخه لبعض العادات القبلية الخاطئة، ويتفق الاثنان على الذهاب لقبري العاشقين والصلاة لهما، ويصل الخبر إلى مسامع الغادر، فيلحق بهما عند القبرين وهما يصليان فيقتلهما.
يملأ الألم والحزن قلب أم شيمة واسمها (عفة)، وتفكر بالانتقام ممن كانوا السبب في قتل زوجها و حرمانها من ابنتها، وتلطيخ سمعتها وإلحاق العار بشرفها، فلا تجد سندا إلا ابنها الفتى اليافع (فراج)، فاستثارت نخوته وشرحت له كل ما حدث، طالبة منه أن يغسل ما لحق بهم من عار. وكان الفتى عند حسن الظن، فخرج للملأ معلنا أنه سينتقم من الغادر وعصبة الشر الذين معه، والتقى به في مواجهة حاسمة وقتله. وتنتهي القصة بذهاب أهل الغدر ضحية غدرهم، ويذكرهم الناس بكل سوء، بينما يتذكرون وافي وشيمة بكل حب وثناء وإعجاب.
الشعر الموجود في القصة والمتبادل بين وافي وشيمة، أو جاء على لسان غيرهما من شخصيات القصة، كله من نظم السديري. والقصة تشتمل على كثير من العادات والتقاليد والأعراف البدوية التي كانت قانون الصحراء آنذاك. وتركز بشكل خاص على عادة التحجير عند البادية. ومن خلال القصة نستطيع التعرف من كثب على ثقافة الصحراء.
نشرت القصة التي تقع في 172 صفحة قديما في حياة السديري، ثم نشرت بعد وفاته مرارا، ولاقت إقبالا كبيرا من القراء.
وتقوم قناة إم بي سي على إنتاج هذه القصة كمسلسل تلفزيوني، وتظهر فيه المذيعة علا الفارس بدور البطولة في أول دخول لها إلى عالم التمثيل، كما يشارك في العمل أسماء لامعة كالفنان تركي اليوسف والفنانة عبير عيسى.