إحصائيات الوافدين .. وتحديات المستقبل
دقت هيئة الإحصاء السعودية ناقوس الخطر وهي الهيئة الرسمية المعتمدة تقاريرها الإحصائية لدى جهات الدولة بعد التقارير التي نشرتها الأسبوع الماضي حول حجم العمالة الوافدة ونموها في المملكة، وكشفت حجم التحديات الكبيرة والمخاطر العالية التي وضعنا أنفسنا فيها كمؤسسات حكومية وأهلية وكمجتمع وهو أمر لا يمكن القبول باستمراره مع تقديرنا لكل ما بذله الوافدون من جهود في خدمة مجتمعنا.
وكشفت الإحصائية أن عدد السكان الإجمالي من مواطنين ومقيمين وصل إلى 32 مليونا بزيادة قدرها 800 ألف على الإحصاء السنوي السابق، أما إحصائية السعوديين بحسب الهيئة فهي 20 مليونا بينهم عشرة ملايين رجل، وعشرة ملايين امرأة، والزيادة السنوية 340 ألف نسمة، أما إحصائيات الوافدين فكانت 12 مليونا بينهم ثمانية ملايين رجل، وأربعة ملايين امرأة، والزيادة السنوية كانت 460 ألف نسمة سنويا.
وإذا كانت الهيئة بحسب إحصائياتها تشير إلى أن معدل المشاركة الاقتصادي للسكان لعام 2017، 54 في المائة فهذا يعني أن خمسة ملايين ونصف المليون سعودي من الرجال يشاركون بفعالية في الأنشطة الاقتصادية وسوق العمل المحلية، أي أقل من حجم الوافدين المشاركين في سوق العمل حيث يتفوق الوافدون بزيادة ثلاثة ملايين نسمة. وهو رقم كبير جدا تصعب منافسته في ظل فارق الخبرات وتدني الأجور وزيادة ساعات العمل للوافدين مقابل المواطنين الذين يشكل الخريجون الجدد ما يزيد على 65 في المائة منهم.
ويزداد الأمر تعقيدا حين تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الوافدين تزيد سنويا عن المواطنين بـ 120 ألف نسمة، أما في الزواج فقد سجلت منطقة مكة المكرمة وحدها أكثر من 300 ألف عقد زواج لوافدين خلال 2017 وأن هناك أربعا من كل خمس حالات زواج لوافدين.
إن منافسة ثمانية ملايين وافد من الرجال لعشرة ملايين مواطن لا تشكل تحديا لمستقبل التنمية البشرية فحسب ولا لفرص العمل المحتكرة لحساب الوافدين بقدر ما تعلق الجرس حول المخاطر المستقبلية لتغيير التركيبة السكانية للمملكة.
خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار وجود ملايين الوافدين الذين ولدوا وتربوا هنا ويصعب عليهم المغادرة فالجالية البرماوية التي قدمت منذ 30 سنة لمكة المكرمة تجاوز عددها نصف مليون وافد، وكذلك الجاليات الأفغانية والفلسطينية والإفريقية وغيرهم. وقد كتبنا عن هذا سابقا وعارضنا مستفيدون يقللون من قيمة ما طرحنا وجاءت الإحصاءات اليوم لتؤكد ما قلناه سابقا.
لقد كانت الأنظمة مفتوحة على مصاريعها للاستقدام حتى وجدنا أنفسنا في أزمة إدمان كبيرة للاعتماد على هذه العمالة التي استنزفت الاقتصاد الوطني وزادت تحويلاتها السنوية على 120 مليار ريال.
واليوم ونحن نواجه تحديات إقليمية كبيرة تتطلب تعزيز الأمن القومي فلا بد من استراتيجية خاصة بإشراف الجهات العليا في الدولة والجهات التنفيذية لتقليص أعداد الوافدين لتكون في الحدود المقبولة التي لا تهدد أمننا القومي ولا تشكل خطرا على تغيير التركيبة السكانية خاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة.