طاقة الرياح..ثمة سلبيات
(كفاءة التوربينات الهوائية واطئة جدا وتواجه تحديات كبيرة)
إن النفط لا غنى عنه في قطاع النقل
سنتطرق في هذا المقال إلى مصدر آخر من مصادر الطاقة المتجددة وهو الرياح، التي هي عبارة عن تحويل طاقة الرياح إلى شكل مفيد من أشكال الطاقة، مثل الكهرباء وذلك باستخدام توربينات الرياح ودون استخدم أي نوع من أنواع الوقود الأحفوري. تتكون الرياح عادة بسبب عدم تجانس توزيع الحرارة على سطح الأرض بواسطة أشعة الشمس. حيث إنه خلال فترة النهار يسخن الهواء فوق سطح اليابسة أسرع من الهواء فوق سطح المياه مثل المحيطات والبحار، ما يجعل الهواء فوق المياه أكثر برودة وأثقل. ويعود السبب في عدم تجانس حرارة الهواء على سطح الأرض إلى اختلاف ارتفاع السطوح، مثل المحيطات والبحيرات والأنهار والغابات والأدغال والصحارى والجبال. ونتيجة لهذا الاختلاف فإن الرياح الدافئة فوق اليابسة تتمدد وترتفع إلى الأعلى والرياح الباردة تنتقل وتحل محلها، وهكذا تتولد الرياح. وعند مرور هذه الرياح على ريش الطاحونة المثبتة على محاور التوربينات الدوارة تقوم بتحريكها وهي بدورها تقوم بتحريك مولد الطاقة الكهربائية. وللحصول على طاقة كهربائية كافية، يتم عادة ربط مجموعة كبيرة من هذه الطواحين الهوائية معا لتشكيل ما يعرف بمزارع الرياح.
تقنيات صناعة طاقة الرياح الحديثة بدأت في عام 1979 مع بداية إنتاج توربينات الرياح من جانب عدد من المصنعين الدنماركيين أمثال Kuriant، Vestas، Nordtank وBonus. وكانت التوربينات المصنعة في ذلك الوقت تعتبر صغيرة قياسا بالحجوم المصنعة اليوم، حيث كانت قدراتها من 20 إلى 30 كيلو واط. الطاقة الكهربائية المنتجة من توربينات الرياح عادة تجمع على نطاق واسع من عدد كبير جدا من التوربينات الهوائية وتربط بالشبكة الكهربائية الرئيسة، وهذه تعرف بمزارع الرياح. في حين تستخدم توربينات الرياح الفردية لتوفير الكهرباء للأماكن المعزولة. أما طواحين الهواء الصغيرة فتستخدم مباشرة كطاقة ميكانيكية لرفع المياه أو لطحن الحبوب.
لقد حصل نمو كبير جدا في إنتاج الطاقة من الرياح بين عامي 2000 و2007، حيث ازدادت الطاقة الكهربائية المنتجة عالميا من توربينات الرياح من نحو 18 جيجاواط إلى تقريبا 95 جيجاواط خلال هذه الفترة، وهذه تمثل زيادة مقدارها أكثر من خمسة أضعاف. وعلى الرغم من أن الرياح تنتج نحو 2 في المائة من مجموع الطاقة الكهربائية المنتجة في العالم فقط، إلا أنها تمثل نحو 19 في المائة من إنتاج الكهرباء في الدنمارك، و9 في المائة في كل من إسبانيا والبرتغال، و6 في المائة في كل من ألمانيا وجمهورية أيرلندا.
توربينات الرياح، كما بينا، لا تستهلك وقودا لمواصلة عملها، وليس هناك أي انبعاثات غازية ملوثة للهواء مباشرة منها نتيجة توليد الكهرباء. لكن محطات توليد الطاقة باستخدام توربينات الرياح تحتاج إلى موارد صناعية متنوعة لتشييدها. فعملية تصنيع توربينات الرياح وبناء المحطات تحتاج إلى الحديد والصلب، الألمنيوم، المواد الأسمنتية وغيرها من المواد التي تحتاج عملية تصنيعها ونقلها إلى استخدام الطاقة، والتي عموما تكون من مصادر الطاقة الأحفورية. فعلى سبيل المثال، بيّنت الدراسات العملية أن محطات توليد الطاقة بواسطة توربينات الرياح المثبتة قبالة الشاطئ Off-Shore تحتاج نحو تسعة أشهر من العمل للتعويض عن كميات غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعثة خلال عملية التصنيع والتشييد لهذه المحطات. إضافة إلى ذلك فقد ثبت عمليا أن توليد الطاقة بواسطة توربينات الرياح ما زال يواجه صعوبات وتحديات كبيرة، ما يجعل استخدام الأنواع الأخرى من الطاقة كالنفط أكثر كفاءة. من هذه التحديات هو في كثير من الأحيان لا يتزامن ذروة سرعة الرياح مع ذروة الطلب على الطاقة الكهربائية. على سبيل المثال، في أيام الصيف الساخن في كاليفورنيا وتكساس تكون سرعة الرياح منخفضة، بينما الطلب على الطاقة الكهربائية يكون عاليا بسبب استخدام مكيفات الهواء. لكن ليست هذه هي الحالة دائما، ففي المملكة المتحدة مثلا يكون الطلب على الطاقة في فصل الشتاء أعلى من الطلب في فصل الصيف، وكذلك تكون سرعة الرياح. كما أن الطاقة الشمسية تكون في معظم الأحيان مكملة لطاقة الرياح؛ ففي معظم الأيام التي لا توجد فيها رياح تكون مشمسة والعكس أيضا صحيح. والتحدي الآخر الناتج عن تغير وعدم انتظام سرعة الرياح هو انخفاض كفاءة توربينات الرياح بدرجة كبيرة جدا مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى التي تستخدم الوقود الأحفوري، حيث تراوح كفاءة هذه التوربينات بين 20 و40 في المائة في أحسن أحوال التشغيل. ومن التحديات الأخرى التي تواجه توربينات الرياح هي اختيار الموقع المناسب لإنشاء التوربينات، حيث يكون للموقع أهمية كبيرة في تحديد مدى كون المشروع اقتصاديا بصرف النظر عن توافر الرياح نفسها، حيث إن هناك عوامل أخرى تشمل توافر خطوط النقل، وسعر أو قيمة الطاقة المنتجة في المنطقة، وتكلفة شراء الأراضي، واعتبارات أخرى لاستخدام الأراضي، والأثر البيئي لعمليات البناء والتشغيل. كما تؤثر مزارع الرياح الشاطئيةOff Shore والقريبة من الشاطئ On Shore في الحياة البرية، خصوصا على الطيور المهاجرة والخفافيش، لكن هذا الموضوع ما زال محل نقاش بين الداعمين لاستخدام طاقة الرياح والمدافعين عن البيئة. حيث يدعي مصنعو التوربينات الهوائية بأن أثرها في الحياة البرية قليل مقارنة بغيرها من أشكال النشاط البشري والصناعي. لكن مع ذلك هناك بعض الآثار السلبية في السكان والبرية ينبغي النظر فيها بجدية في مرحلة التخطيط لبناء محطات الطاقة الهوائية. فعل سبيل المثال مستوى الضوضاء التي تنتج عن التوربينات الهوائية هي من المشكلات التي لا يمكن التغاضي عنها، فالضوضاء التي تصدر من طاحونة واحدة أو من مزرعة رياح لمدة 24 ساعة متواصلة عالية وصاخبة جدا. والتحدي الأكبر لطاقة الرياح هو عدم قدرتها على تزويد قطاع النقل بالطاقة، وهذا يعني أن قطاع النقل سيظل يعتمد على النفط.