هل تحتضر صناعة النقل الجوي؟

الأزمة المالية العالمية الخانقة وما أدت إليه من إفلاسات في المؤسسات الاستثمارية التي نراها يوما فيوم، طالت وبقوة صناعة النقل الجوي، حيث أعلنت عديد من الخطوط الجوية إفلاسها، وسجل من بقي خسائر مالية جسيمة. ولأول مرة في تاريخها، سجلت خطوط ساوث وست الأمريكية خسائر، وهي التي عرف عنها عدم تأثرها في الأزمات الخانقة التي عصفت بصناعة النقل الجوي خلال العقدين الماضيين، حيث قاومت أزمات الكساد الاقتصادي الأول في أواخر التسعينيات، وركود الأسواق بسبب وباء سارس وحرب الاستنزاف على العراق. الانخفاض الحاد في أسعار الوقود إلى مادون 60 دولارا للبرميل لن يكون له تأثير إيجابي كبير في المرحلة القريبة المقبلة، التي قد تشهد إفلاسا ومن ثم خروج عديد من شركات الخطوط الجوية في العالم، فمنحنى الصعود المستمر لأسعار الوقود منذ نهاية عام 2006 أجبر أغلب شركات الخطوط الجوية على عقد صفقات مستقبلية لشراء كميات آمنة من وقود الطائرات بأسعار عالية علها تحميها من أسعار أعلى في السنوات التي تليها. لذلك فإن الأشهر التشغيلية المقبلة ستكون عصيبة جدا على شركات الخطوط الجوية الناشئة بسبب استمرار تأثير أسعار الوقود العالية وتأثير الأزمة المالية التي يتنامى تأثيرها يوما بعد يوم، فالحقيقية المرعبة أن تؤدي هذه الأزمة الطاحنة إلى كساد حاد ذي دورة طويلة، ما سيفقد صناعة النقل الجوي زبائنها من المسافرين الذين جلهم يسافرون لغرض العطلات والأعمال. ونظرا لكون أغلب شركات الخطوط الجوية تعمل ضمن هامش قليل من مخزون السيولة مقارنة بالعقود الائتمانية، فإن هناك احتمالات كبيرة لدخولها دوامة الخسائر التي لن تدوم طويلا قبل أن تعلن تلك الشركات تطبيق بند الحماية من الدائنين، إن كانت في الولايات المتحدة، أو تعليق الرحلات وتصفية الأصول كما هو في أغلب الدول.
الأشهر القريبة المقبلة ستحدد كيف ستناور شركات الخطوط الجوية في أمواج هذه الأزمة المالية، فجميع الاحتمالات واردة، حيث من الممكن أن تفلس شركات النقل الجوي الرخيص بصورة زمنية أقرب من الخطوط التقليدية التي دوما تبقي احتياطيات مالية لتساعدها على إدارات الأزمات المستقبلية. الخطوط الجوية العربية في المنطقة ستبقى أكثر أمانا كونها تتبع الحكومات بصورة أو بأخرى وستتحمل تلك الحكومات ديونها التشغيلية التي تسببت بها الأزمة المالية الحالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي