التصدي للجائحة .. أين نقف الآن؟ «2 من 2»
أبرزت مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين أن هناك شاغلا أكثر عمقا يفيد بأن هذه الأزمة العالمية تتطلب مزيدا من التضامن الدولي وأيضا مزيدا من العمل الدولي. ونظرا لأن الجائحة تؤثر في كل بلد في وقت واحد، فهناك خطر يتمثل في أن البلدان الأكثر ثراء ستظل تركز بشكل أساسي على أزمتها الخاصة وسبل التعافي منها. وربما يكون هذا مفهوما لأن كل حكومة مسؤولة أمام شعبها، لكنه يزيد من احتمال تخلف البلدان الأفقر عن الركب.
وتوضح لقاحات كورونا هذه المخاطر بجلاء شديد. وتلتزم مجموعة البنك الدولي وعديد من المنظمات الأخرى ببذل كل ما في وسعها لإيصال اللقاحات الجديدة إلى شعوب البلدان النامية. ويشمل ذلك استخدام مرفق كوفاكس، وهي آلية أنشأها المجتمع الدولي لضمان الوصول العالمي المنصف إلى لقاحات الأمراض المعدية الرئيسة. لكن في هذه المرحلة المبكرة، اشترت البلدان الصناعية معظم إمدادات لقاحات فيروس كورونا، تاركة البلدان النامية مكشوفة دون تغطية كافية.
وفي حين أن توزيع اللقاح أصبح الآن عاجلا مثل حالة الطوارئ الصحية نفسها، يتعين علينا أيضا معالجة الآثار الناجمة عن الجائحة التي يمكن أن تؤثر في البلدان النامية على المدى الطويل. وخير مثال على ذلك هو التعليم: حيث تؤدي جائحة كورونا إلى توقف الأطفال عن الذهاب إلى المدارس في جميع أنحاء العالم، فضلا عن إجبارهم على التحول إلى أسلوب التعلم عن بعد، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى توسيع فجوة انعدام المساواة لأولئك الذين لا يستطيعون الوصول إليه. وقد يستمر هذا الوضع لعامين أو حتى لثلاثة أعوام، وهناك شواهد على أن عدد الأطفال الذين يعودون إلى الدراسة يكون أقل في المدارس التي يعاد فتحها. ومن ثم، فليس من المبالغة أن يتعرض العالم لخطر ضياع جيل كامل، حيث تؤدي الخسائر في التعلم لدى الشباب إلى تقليل إمكاناتهم في الكسب على المدى الطويل وخفض الناتج الاقتصادي لعقود مقبلة.
وفي ظل هذه التحديات الهائلة، أين يجب أن تركز مجموعة البنك الدولي والبلدان الشريكة جهودها في المرحلة المقبلة؟ وما الذي يقدم الأمل الأكبر لتحقيق التعافي المستدام؟ إن أمام البلدان النامية طريقا طويلا، ولديها بعض الفرص للتفكير بشكل مختلف في اقتصاداتها أثناء إعادة البناء. وهذا يشمل السياسات والإصلاحات التي توسع المشاركة الاقتصادية، التي تستفيد من التكنولوجيا لتقديم خدمات أساسية أكثر قوة وشمولية بما في ذلك خدمات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية التي تسهل على القطاعين العام والخاص العمل معا لتحقيق أهداف التنمية. ويمكن لجهود التعافي أيضا أن تعزز التزامات البلدان بشأن المناخ، حيث تؤدي إلى زيادة الوظائف الجديدة في القطاعات الناشئة الأكثر مراعاة للظروف البيئية.
إن البلدان النامية هي الأشد ضعفا في هذه الأزمة العالمية، كما تواجه أشد مسارات التعافي صعوبة. ولا تزال مجموعة البنك الدولي ملتزمة بمساعدتها على تأمين الموارد المالية والدعم الدولي المستمر الذي ستحتاج إليه. ونحن جميعا في هذا معا وما زلت متفائلا أننا سنرى تحسنا حقيقيا في كثير من البلدان خلال عام 2021.