الشركات «الزومبي» والخروج من الأزمة «1من 2»

مع خروج الاقتصادات الغربية من أزمة مرض فيروس كورونا كوفيد - 19، تواجه البنوك والحكومات مشكلة جديدة: كيف يكون التعامل مع الشركات "الزومبي" التي فقدت مقومات الحياة، لكن خطة مبدعة تركز على العمال قد تقدم حلا ممكنا؟.
في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تراجعت حالات إفلاس الشركات خلال الـ 15 شهرا التي مرت منذ اندلعت الجائحة، رغم الركود الحاد الذي صاحبها. كان هذا التراجع نتيجة لحرص حكومات الدول الغنية في إطار رغبتها المفهومة في تخفيف الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الجائحة على تمديد كل شبكات الأمان الممكنة للشركات. لكنها كانت تفعل ذلك غالبا دون أن تحاول حتى الفصل بين الشركات التي تحظى بتوقعات اقتصادية جيدة وتلك التي تفتقر إلى أي آفاق جيدة.
نتيجة لهذا، أصبحت عملية الانتقاء الطبيعي في قطاع الأعمال ضعيفة في وقت حيث تسببت جائحة كوفيد - 19 في التعجيل بعديد من الاتجاهات القائمة مسبقا، ما أدى إلى زيادة حصة الشركات التي ينبغي اعتبارها كيانات قائمة لكنها فاقدة لكل مقومات الحياة. لكن يتعين على صناع السياسات الآن أن يتعاملوا مع التأثير الاقتصادي الأوسع المترتب على دعم شركات غير قادرة على البقاء.
لا تستطيع الحكومات أن توقف بشكل مفاجئ كل إعانات الدعم التجارية. أثناء الجائحة، تراكمت مقادير ضخمة من الديون على عديد من الشركات التي كانت مزدهرة. ومن الواضح أن إخضاعها جميعا على نحو مفاجئ لانضباط سوقي صارم من شأنه أن يفضي إلى عدد كبير للغاية من حالات الإفلاس غير الضرورية.
علاوة على ذلك، سيكون الأثر الاقتصادي والمالي المترتب على القطع الفوري للدعم انتحارا على المستوى السياسي لأي حكومة منتخبة. وستخلف صدمة الناتج المحلي الإجمالي السلبية تأثيرات شديدة في كل من البطالة والموارد المالية العامة، كما أن الخسائر التي ستفرضها موجة من الإفلاس على المقرضين ستزيد ميزانيات البنوك ضعفا على ضعف. ستكون النتيجة شبه المؤكدة السخط العارم بين الناخبين، وبالتالي خسارة الحكومة المؤكدة في الانتخابات التالية.
في الوقت ذاته، من غير الممكن أن يستمر صناع السياسات في مساعدة كل الشركات الحية الميتة. فمثل هذه المساعدة تستلزم تكاليف مالية كبيرة ومن شأنها أن تعيق نمو الإنتاجية الذي تحتاج إليه الحكومات الغربية بشدة لحل عديد من مشكلاتها المالية والسياسية. تستدعي التغيرات التي أحدثتها الجائحة ظهور شركات جديدة ومبدعة. لكن سيكون من الصعب على مثل هذه الشركات أن تدخل السوق وتنمو إذا أهدرنا قدرا كبيرا من الموارد المادية، والبشرية، والمالية في محاولة للإبقاء على حياة الشركات الفاقدة لمقومات البقاء.
الواقع أن الفصل بين الشركات الحية والشركات الميتة ليس سهلا حتى في الأوقات الطبيعية، هذا هو فن العمل المصرفي في أكثر تجلياته وضوحا... يتبع.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي