أمريكا والتضخم والتحدي الخطير «2 من 2»

إذا كان الإنفاق أقوى مما ينبغي، فسترتفع الواردات بدرجة كبيرة، ويضيع الذهب مرة أخرى، ويضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى كبح جماح الطلب. لم يكن الاحتياطي الفيدرالي يستهدف التضخم، ولم يكن يسعى إلى خفض البطالة إلى أدنى مستوى ممكن. كانت مهمته تتلخص في الحفاظ على احتياطيات الذهب الأمريكية والدفاع عن ربط الدولار بموجب نظام بريتون وودز.
من الشائع أن نعزو التضخم العظيم إلى انهيار نظام بريتون وودز خلال الفترة من 1971 إلى 1973. الواقع أن نظام بريتون وودز كان قد خسر قدرته على الإقناع بالفعل، وبدأ التضخم يتسارع في النصف الثاني من الستينيات. تبنت الولايات المتحدة سياسات، مثل ضريبة معادلة الفائدة على الاستثمارات المالية الأجنبية الأمريكية، التي خففت من الصلة بين التضخم وخسائر الذهب. وأكدت وزارة الخزانة مسؤوليتها عن إدارة سوق النقد الأجنبي، ما سمح للاحتياطي الفيدرالي بتجاهل خسائر الذهب وضعف الدولار على أنها مشكلة شخص آخر. نتيجة لهذا، كان التضخم الأمريكي يقترب من 6 في المائة بالفعل في 1970، حتى قبل انهيار نظام بريتون وودز.
لم يكن زوال نظام بريتون وودز ليشكل أهمية كبرى لو كان الاحتياطي الفيدرالي يمتلك نظرية متماسكة تربط السياسة النقدية بالتضخم. بدلا من ذلك، وجدنا وجهة نظر آرثر بيرنز، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، التي ترى أن السياسة النقدية لا تشكل أهمية. كان بيرنز يعتقد أن التضخم ناتج عن مطالبات الأجور المفرطة من جانب النقابات، وزيادات الأسعار التي تفرضها الشركات التي تتمتع بقوة سوقية، وحصاد هزيل، وارتفاع أسعار النفط، وإنفاق حكومي مفرط. كان خليفته، جي. ويليام ميلر، يفتقد مؤهلات بيرنز الأكاديمية ولم يكن ميالا إلى التشكيك في وجهات نظر سلفه اللامع. في النهاية، أدلى بول فولكر، بدلوه في هذا الصدد، لكن ليس قبل أن يصبح رئيسا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في 1979.
اليوم، اختلفت الظروف تماما. ويدرك القائمون على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن السياسة النقدية والتضخم متشابكان في كل الأحوال باستثناء الظروف الأكثر استثنائية. وهم يمتلكون إطارا متماسكا للسياسات يلتزمون به، ألا وهو استهداف متوسط التضخم. وأظهر المشاركون في السوق المالية والمستجيبون للاستطلاع، على حد سواء، كل علامة تشير إلى أنهم يصدقونهم.
مع ذلك، لا يزال الطريق وعرا أمام الاحتياطي الفيدرالي. فقد تؤدي زيادات أسعار الفائدة إلى إرباك الأسواق المالية واستفزاز تدفقات رأس المال إلى الخارج، فضلا عن صعوبات الديون في الاقتصادات الناشئة. هذه هي عواقب التأخر عن المنحنى. لكن على عكس السبعينيات، يدرك الاحتياطي الفيدرالي الآن ما هو على المحك. ورغم تأخره، فإنه الآن ملتزم بشدة باللحاق بالركب.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي