«إدارة الأزمات»
أتابع باستمرار ما تنشره وسائل الإعلام المحلية من حين لآخر عن عديد من المواقف والأحداث الطارئة التي تحدث في المدارس، مثل نشوب حريق في المبنى المدرسي، وتعطل الدراسة في بعض المناطق بسبب الأمطار والغبار، أو وفاة عدد من معلمات المدرسة الواحدة في حادث مروري في إحدى المناطق النائية، أو توقف الدراسة لأيام بسبب تصدعات أو تشققات في المبنى المدرسي، أو تعرض المبنى المدرسي إلى التخريب على يد بعض العابثين، أو زيادة عدد حالات الإغماء بين الطلبة بسبب ازدحام الفصول ورداءة التهوية والتكييف، إلخ، هذه الأخبار تشكل في مجملها أحداثا ومواقف سلبية لا يمكن منع وقوع بعضها، على الرغم مما تسببه من شعور بالتوتر والقلق لدى كل عضو من أعضاء المجتمع المدرسي، وما ينجم عنها من إحساس بالحيرة وعدم التثبت لدى القائمين على الإدارة في تقويم الموقف وفهم أبعاده، ومن ثم اتخاذ القرارات المناسبة لاحتوائه.
ومن منطلق الشعور بالمسؤولية تجاه المحافظة على مواردنا البشرية باعتبارهم أغلى وأثمن الموارد، أهدي لإخواني مديري ومديرات المدارس شرحا مختصرا لمفهوم الأزمة وكيفية إدارة الأزمات، وآمل أن يجدوا فيها النفع والفائدة، خاصة أنهم في هذه الأيام في طور إعداد خططهم السنوية للعام الدراسي المقبل.
تُعرف الأزمة على أنها موقف سلبي أو وضع أو سلسلة من الأحداث المتتابعة غير المرغوب فيها، التي تشكل اضطراباً للنظام القائم، وتحول دون تحقيق أهدافه الموضوعة .. وتختلف الأزمات في حجمها، إذ يمكن أن تقتصر على قطاع معين أو قسم معين دون آخر، كما تختلف في مداها الزمني، حيث تستمر بعض الأزمات لفترة قصيرة أو متوسطة أو طويلة. كما أن الأزمة أو الأزمات ليست حكراً على قطاع دون آخر، فكل قطاع طبي أو تعليمي أو صناعي أو خدمي يمر بأزمات تستدعي الاستجابة لها والتعامل معها بطريقة فعالة تعيد الأوضاع إلى حالتها الطبيعية وتخفف من نتائجها ومترتباتها السلبية على المنظمة، ويطلق على هذه العملية في علم الإدارة إدارة الأزمة (Crisis Management). وترتكز الإدارة الناجحة للأزمات على عدد من المقومات أهمها:
القيادة الإدارية الواعية التي تتمتع بالإدراك السليم والرؤية الواضحة التي تقيم الموقف أو الحدث، وفهم أبعاده، وأسبابه ونتائجه، وتستعد لتحاشيه وتجنبه قبل حدوثه، أو مواجهته بطريقة فعالة حين حدوثه.
التخطيط الجيد لإدارة الأزمة قبل حدوثها يؤدي إلى الخروج باقتراح حلول وبدائل صحيحة لاحتوائها في حين أن الحلول المرتجلة قد تسبب مشكلات وأزمات أخرى.
الخطة التنفيذية التي تشتمل على الاسم الافتراضي للموقف أو الأزمة، والإجراءات الواجب القيام بها، والشخص المكلف بقيادة الأزمة، والمعاونين له، وجهات الاتصال، ووسائط الاتصال، وأسماء وهواتف وذوي العلاقة بالأزمة من داخل المجتمع المدرسي وخارجه.
حسن التنظيم بتحديد المهام والاختصاصات، وتفويض الصلاحيات للمكلف بإدارة الأزمة.
درجة عالية من الأداء والعمل التعاوني من جانب أعضاء المنظمة.
الوقت عامل حرج في إدارة الأزمات، فالبطء في البت في الأمور، والتأني في اتخاذ القرار قد يترتب عليه خسائر مادية وبشرية كبيرة.
خاتمة: التشاؤم سمة من السمات الشخصية المذمومة، والتفاؤل خلق من أخلاق المسلم، ونحن عندما ندير الأزمات قبل وقوعها استناداً إلى رؤية واضحة وتخطيط سليم، وتنفيذ متقن، نكون بذلك قد وضعنا توجيهات رسولنا الكريم بقوله «اعقلها وتوكل» موضع التنفيذ، ورمينا مبدأ «كل شيء في أوانه حلو» ومبدأ حتى تقع الفأس في الرأس في سلة المهملات.