سيد ألوان الحياة

الحياة التي يعيشها المرء مليئة بالمواقف المفرحة والحزينة معا، ومشحونة بالتفاؤل لكنها مشوبة باليأس، وتلون الحياة سر كبير من أسرار الكون العظيم ومنه قالوا، لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، وقسم العارفون الأيام على ثلاثة، أمس عشناه وولى دون رجعة بكل ألوانه، واليوم الحاضر الذي نعيشه، ولن يدوم، والغد، لا ندري أين وكيف وماذا سيكون لكن الجامع بينها العيش بسلام داخلي يتعظ من أمسه ويعيش يومه ويتفاءل بغد أجمل وأحسن وأكمل.
خلقت البشرية على نقص فلا كمال للبشرية. سقطت شجرة فسمع الكل صوت سقوطها، بينما تنمو غابة كاملة ولا يسمع لها أي ضجيج، فالناس لا يلتفتون إلى تميز المتميز، بل إلى سقوطه، وعليه المنشود البحث عن الجمال، والرضا، والسعادة، ومن المعلوم أن المدرسة النظامية تعلم الدرس ثم تختبر، على النقيض من مدرسة الحياة التي تبدأ بالاختبار، وكل شيء مرهون بالطريقة التي نحياها بها، وليس للحياة قيمة إلا إذا وجدنا ما نناضل من أجله. وقد قيل إن الحياة شعلة إما أن نحترق بنارها وإما نطفئها ونعيش في ظلام، والحياة قصيرة لكن المصائب تجعلها طويلة ومعقدة، لكن حينما تمتزج الروح مع الجمال، فإن النفس ترى الكون بأسره جميلا، فنحن من نستطيع أن نحيل حياتنا إلى أفراح، أو أتراح، قلق أو رضا، هم أم حب، والمتأمل يرى دائما من هو أشقى منه ولا نعلم أمرا أنفع فيها من تدبر التاريخ، فإن من يفعل، لا يدخل اليأس إلى قلبه أبدا، وسيرى الدنيا أياما متداولة فالأغنياء يصبحون فقراء، والفقراء ينقلبون أغنياء، وضعفاء الأمس أقوياء اليوم، والفلك دوار، والحوادث لا تكف عن الجريان، والناس يتبادلون الكراسي، لا حزن يستمر، ولا فرح يدوم، وفي حياة الواحد منا ألوف الناس، قريبون وبعيدون، يمرون دون أن يتركوا أثرا، وقد يكون أقرب الناس إلينا أبعدهم عنا ويكون أبعدهم عنا أقربهم إلينا وقد يكون الشخص متواضعا لكنه عميق الأثر، فأجمل هندسة في الحياة هي بناء جسر الأمل فوق بحر من اليأس، فينبغي أن يكون سيد الموقف، إذ فيها راحة وصحة، وفي النهاية ابحث عن أمر هادف يشبع هواك ولا ننسى أن التفاؤل أكسير السعادة وسيد ألوان الحياة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي