السوق العقارية تفقد ثلث نشاطها خلال النصف الأول
أتمت السوق العقارية المحلية نشاطها خلال النصف الأول من العام الجاري، على انخفاض قياسي في إجمالي قيمة صفقاتها خلال الفترة بنسبة وصلت إلى 31.8 في المائة، واستقرت مع نهاية الفترة عند مستوى 86.8 مليار ريال، مقارنة بإجمالي قيمة صفقاتها خلال الفترة نفسها من العام الماضي البالغ 127.3 مليار ريال، متأثرة بالانخفاض الأكبر الذي طرأ على قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة قياسية وصلت إلى 41.0 في المائة، استقرت بدورها عند مستوى 45.1 مليار ريال، الذي يعد أدنى مستوى تاريخي لقيمة صفقات القطاع السكني منذ بدأ نشر بيانات السوق العقارية على موقع وزارة العدل، مقارنة بقيمتها خلال الفترة نفسها من العام الماضي، التي كانت قد بلغت 76.4 مليار ريال، كما تأثرت السوق العقارية بانخفاض قيمة صفقات القطاع التجاري للفترة نفسها بنسبة 24.8 في المائة، استقرت بدورها مع نهاية الفترة عند مستوى 31.2 مليار ريال، مقارنة بقيمة صفقات القطاع خلال الفترة نفسها من العام الماضي، التي كانت قد بلغت 41.5 مليار ريال.
بهذا الأداء للسوق العقارية الغالب عليه الركود طوال الفترة الماضية، تكون السوق قد أكملت عاما كاملا من حالة الركود، وكما سبق الإشارة إليه، خضعت تعاملات السوق العقارية عموما، والقطاع السكني على وجه الخصوص ــالذي يمثل الوزن النسبي الأكبر في السوقــ لعوامل رئيسة عدة، جاء في مقدمتها الارتفاع المطرد لمعدل الفائدة "تكلفة الرهن العقاري"، بصعودها بنحو 450 نقطة أساس طوال أكثر من عام مضى، انتقل أثره في البداية إلى تقلص التمويل البنكي الممنوح لشراء العقارات السكنية، وازداد لاحقا مع بدء العمل بالمصفوفة الجديدة للدعم السكني مطلع العام الجاري، ما أدى إلى تراجع حجم القروض العقارية الجديدة طوال الفترة "كانون الثاني (يناير) ــ نيسان (أبريل)" من العام الجاري بنسبة 39.9 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما تراجعت، مقارنة بالفترة نفسها من العام الأسبق بنسبة 57.9 في المائة، بما يؤكد الأثر العكسي لهذا التراجع في أحجام التمويل العقاري على نشاط القطاع السكني تحديدا، وعلى المستوى الإجمالي للسوق العقارية المحلية.
مؤشرات أداء السوق العقارية خلال النصف الأول 2023
امتدت المؤشرات الدالة على سيطرة الركود على مختلف نشاطات السوق العقارية، التي أظهرت انخفاض حجم الصفقات العقارية المنفذة خلال الفترة بـ37.9 في المائة، استقرت بدورها مع نهاية الفترة عند أدنى مستوى لها منذ النصف الأول من 2013 بنحو 83.1 ألف صفقة عقارية، مقارنة بحجمها خلال الفترة نفسها من العام الماضي البالغ 133.9 ألف صفقة عقارية، متأثرة بدرجة أكبر بالانخفاض القياسي، الذي طرأ على حجم صفقات القطاع السكني خلال الفترة نفسها بنسبة وصلت إلى 43.6 في المائة، وامتداده أيضا إلى صفقات القطاع التجاري، التي سجلت أيضا انخفاضا قياسيا بنسبة بلغت 39.9 في المائة للفترة نفسها.
كما سجل إجمالي مبيعات السوق العقارية من مختلف الأصول العقارية انخفاضا سنويا عن النصف الأول من العام الجاري، وصلت نسبة انخفاضه القياسية إلى 38.3 في المائة، استقرت على أثره عند أدنى مستوى لها منذ النصف الأول من 2013 بنحو 85.9 ألف أصل عقاري مبيع، مقارنة بحجمها خلال النصف الأول من العام الماضي الذي كان قد بلغ 139.2 ألف أصل عقاري مبيع. وجاء التأثير الأكبر لحالة التراجع القياسي، التي شهدتها مبيعات السوق من الأصول العقارية، مستمدا من الانخفاض القياسي، الذي طرأ على مبيعات القطاع السكني، التي تراجعت خلال النصف الأول من العام الجاري 43.9 في المائة، استقرت بدورها عند أدنى مستوى تاريخي لها 60.2 ألف أصل عقاري سكني مبيع، مقارنة بحجمها خلال النصف الأول من العام الماضي البالغ 107.4 ألف أصل عقاري سكني مبيع، ويعزى التراجع اللافت في نشاط القطاع السكني على مختلف المستويات إلى التراجع القياسي في التمويل العقاري السكني، الذي سجل خلال معظم فترة المقارنة انخفاضا سنويا بنسبة وصلت إلى 39.9 في المائة "27.9 مليار ريال حتى نهاية نيسان (أبريل) 2023"، مقارنة بحجمه خلال الفترة نفسها من العام الماضي "46.4 مليار ريال حتى نهاية نيسان (أبريل) 2022"، وسجل تراجعا على مستوى حجم العقود التمويلية بنسبة وصلت إلى 38.2 في المائة "36.7 ألف عقد تمويلي حتى نهاية نيسان (أبريل) 2023"، مقارنة بحجمه خلال الفترة نفسها من العام الماضي "59.4 ألف عقد تمويلي حتى نهاية نيسان (أبريل) 2022"، وزاد من ضغوطه في الفترة ذاتها الارتفاع المطرد لمعدل الفائدة "تكلفة الرهن العقاري"، إضافة إلى انخفاض الدعم السكني المقدم للمستفيدين من برنامج التمويل السكني. وعلى مستوى مبيعات القطاع التجاري، تراجعت هي أيضا بالوتيرة نفسها خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة قياسية وصلت إلى 40 في المائة، استقر حجمها مع نهاية الفترة عند مستوى 11.9 ألف أصل عقاري تجاري مبيع، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، التي كانت قد بلغت 19.8 ألف أصل عقاري تجاري مبيع.
على مستوى مؤشرات السيولة ومعدلات الفائدة، فقد استقر معدل الفائدة بين البنوك "سايبور" لفترة ثلاثة أشهر كمؤشر على معدلات الفائدة محليا، عند أعلى مستوياته خلال أكثر من 22 عاما مضى بما يناهز 6.0 في المائة، واستمرت وتيرة النمو المطرد في حجم الودائع الزمنية والادخارية، حيث وصل معدل نموها السنوي حتى منتصف الشهر الجاري إلى 39.8 في المائة، والذي يعد من أعلى معدلات النمو سنويا لتلك الودائع منذ نهاية 1992، بالتزامن مع استمرار ارتفاع معدلات الفائدة محليا وخارجيا بوتيرة متسارعة طوال أكثر من عام مضى، التي قادت ارتفاعاتها المتتالية إلى التأثير على كثير من قرارات أغلبية المستثمرين، ودفعتهم إلى تفضيل الاحتفاظ بأموالهم في أدوات عالية السيولة، ذات عوائد مجدية واقترانها بدرجات مخاطرة متدنية، مقارنة بغيرها من القنوات الاستثمارية الأخرى، وبما يعبر عن ارتفاع مستويات التحوط لدى المستثمرين بدرجة أكبر تجاه ضبابية الأسواق، وتجاه كثير من حالات التقلبات وعدم الاستقرار المسيطرة خلال الفترة الراهنة على أغلب الأسواق.