تراجع مؤشر البورصة العقارية .. وانكماش القيمة السوقية للعقارات المتداولة آخر 10 أعوام
تراجع مؤشر البورصة العقاري بمعدل أسبوعي بنسبة طفيفة 0.14 في المائة (انخفاض 14.5 نقطة)، مستقرا مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 10، 003.27 نقطة، وتزامن معه انخفاض إجمالي القيمة السوقية للعقارات التي تم تداولها خلال آخر عشرة أعوام بنحو 2.1 مليار ريال، استقرت على أثره عند إجمالي قيمة سوقية أدنى من 1.43 تريليون ريال، كما سجل إجمالي القيمة الأسبوعية للصفقات العقارية انخفاضا قياسيا وصلت نسبته 44.8 في المائة، واستقر الإجمالي مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 5.2 مليار ريال، وانخفاض إجمالي الصفقات العقارية خلال الأسبوع نفسه الماضي بنسبة وصلت إلى 20.0 في المائة.
جاء الأداء الأخير للسوق العقارية خلال الأسبوع الماضي، استمرارا لتأثرها بالركود الذي بدأ مع مطلع النصف الثاني من العام الماضي، واستمرت ضغوطه حتى الفترة الراهنة، بالتزامن مع الارتفاع المطرد والمتسارع لمعدلات الفائدة الذي بدأ وتيرته المتصاعدة منذ أكثر من 18 شهرا مضى، ولا زالت مستقرة عند أعلى مستوياتها التاريخية منذ أكثر من 22 عاما، ويرشح استمرار تلك الضغوط فترة أطول خلال ما تبقى من العام الجاري، وقد تستمر حتى مطلع العام 2025 وفقا لما تضمنته تصريحات قيادات البنوك المركزية حول العالم في مقدمتها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وتأكيداته الأخيرة التي صدرت مع قراره الأخير بتثبيت معدل الفائدة عند مستوياتها الراهنة.
يأتي الاعتماد في مؤشر الاقتصادية العقاري على اتجاهات مؤشر البورصة العقاري، الذي تم استحداثه من قبل وزارة العدل بما يمكن متداولي العقار من فهم التحركات واسعة النطاق للسوق العقارية، من خلال متابعة تحركات مؤشر البورصة العقاري، وبما يسهم في استغلال الفرص الاستثمارية، وملاحظة تقلبات السوق للمتداولين، بناء على تحركات واتجاهات ذلك المؤشر، الذي يهدف إلى تمكيـن واستدامة القطـاع العقـاري، ورفـع مسـتوى شـفافيته، وتعزيـز موثوقيـة التعاملات العقاريـة.
ويتم استخراج قيمة مؤشر البورصة العقاري بناء على (قسمة) القيمة السوقية للعقارات في الفترة الراهنة (يوم، أسبوع، شهر) على القيمة السوقية في الفترة السابقة (يوم، أسبوع، شهر) (مضروبة) في مؤشر البورصة السابق. ووفقا لما وثقته البورصة العقارية لدى وزارة العدل، فإن القيمة السوقية للعقارات يتم احتسابها بناء على قيمة الصفقات التي تمت على العقارات خلال آخر عشرة أعوام على مستوى المملكة، وقد تم اختيار هذه المدة على اعتبار أن العقار الذي لم تتم عليه أي صفقة خلال هذه المدة يعد خاملا وغير نشطا.
تثبيت معدل الفائدة المرتفع
أقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في اجتماعه الأخير نهاية الأسبوع الماضي تثبيت معدل الفائدة على الدولار (بين 5.25 في المائة إلى 5.50 في المائة)، ويعد القرار الثالث على التوالي من قبل الاحتياطي الفيدرالي، الذي قام خلاله بتثبيت معدلات الفائدة خلال 13 اجتماعا سابقا منذ أوائل العام الماضي، بعد أن سبق تثبيتها في الاجتماعين السابقين للفيدرالي الأمريكي، الذين تم عقدهما خلال حزيران "يونيو" وتموز "يوليو" الماضيين من هذا العام. وقد جاء القرار متوافقا مع توقعات الأسواق والمستثمرين فيما قبل إعلان القرار الأخير للفيدرالي الأمريكي، ولحقت به كافة البنوك المركزية الخليجية في ذات الاتجاه في مقدمتها البنك المركزي السعودي (ساما)، واستقرار معدلات الفائدة إقليميا ومحليا عند أعلى مستوياتها خلال أكثر من 22 عام مضى.
وقد أرجع الاحتياطي الفيدرالي أسباب توقفه الأخير عن رفع معدل الفائدة، على الرغم من استمرار ارتفاع معدل التضخم، وبقاؤه عند مستويات مرتفعة، تبتعد كثيرا عن المعدل الذي يستهدفه الفيدرالي (2.0 في المائة)، لتوجهه بمنح فرصة أكبر وأطول لظهور التأثير المنشود لمسار التشديد النقدي في مؤشرات أداء الاقتصاد الأمريكي، التي لا زالت تشير إلى استمرار معدل النمو الاقتصادي في المنطقة الإيجابية خلال الربع الثاني من هذا العام، وقد تستمر في وتيرتها الإيجابية خلال الربع الثالث من العام نفسه وفقا للتوقعات، إضافة إلى البيانات القوية للتوظيف ونشاط سوق العمل، واستمرار وجود معدلات البطالة منخفضة عند أدنى مستوياتها خلال أكثر من خمسة عقود زمنية مضت.
محليا، أظهرت متابعة أبرز التغيرات القائمة على العوامل الأساسية المؤثرة في النشاط العقاري خلال الفترة الراهنة، استقرار معدل الفائدة بين البنوك (سايبور) لفترة ثلاثة أشهر عند أعلى مستوياته التاريخية منذ مطلع 2001 (6.3 في المائة)، ويعد المعدل من أهم المؤشرات على اتجاهات أسعار الفائدة محليا، التي تشير إلى التغيرات الراهنة على بقية معدلات الفائدة لفترات زمنية أطول، من أهمها معدل الرهن العقاري ووصوله إلى مستويات قياسية، مقارنة بأدنى مستوياته المسجلة خلال الفترة 2019 حتى ما قبل نهاية الربع الأول من 2022.
وقد أدى الارتفاع المطرد لمعدل الفائدة (تكلفة الرهن العقاري) إلى إحداث مزيد من الضغوط على سوق التمويل العقاري طوال أكثر من عام ونصف العام خلال الفترة الماضية، وانعكست سلبا -على النشاط العقاري- آثار وصول معدلات الفائدة إلى أعلى مستوياتها خلال أكثر من عقدين من الزمن محليا، وتركزت تلك الآثار بوتيرة أكبر على نشاط القطاع السكني، تأكدت مؤشراتها بصورة ملموسة على مستويات القروض العقارية الجديدة الممنوحة للأفراد "البنك المركزي السعودي"، التي أظهرت انخفاضها بمعدل سنوي خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري بنسبة تجاوزت 38.7 في المائة، رافقها انخفاضا مماثلا في إجمالي قيمة الصفقات العقارية للقطاع السكني للفترة نفسها بنسبة 34.8 في المائة، وانخفاض بنسبة أكبر على مستوى حجم مبيعات العقارات السكنية بنسبة وصلت إلى 38.0 في المائة خلال الفترة نفسها، وفقا لأحدث بيانات السوق العقارية الصادرة من "وزارة العدل". وكما سبق الإشارة إليه في تقارير ماضية، لا تبتعد التحديات الراهنة التي تواجهها السوق العقارية المحلية عما تواجهه كافة الأسواق العقارية عالميا، وتأثرها سلبا بالارتفاع المطرد والمتسارع لمعدلات الفائدة (الرهن العقاري).