متى يتم نشر معدل البطالة شهريا؟
تسارع بصورة لافتة خلال العقد الأخير نشر الإحصاءات والمؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وتحول الأمر بالنسبة لأغلبية الباحثين والمختصين من عناء البحث عنها ومحاولة إيجادها، إلى ملاحقة الكم الكبير المنشور رسميا منها، واستغراق أغلب الوقت والجهد في دراسة تفاصيلها الدقيقة، والبحث في تأثيراتها في مختلف القطاعات والمتغيرات الأخرى، ولا يتطلب إثبات هذا التحول الكبير على مستوى النشر المعلوماتي المهم أعلاه جهدا يُذكر أمام الشواهد الملموسة على أرض الواقع، خاصة مع التطورات التقنية المذهلة التي ازداد اعتماد الأجهزة الحكومية عليها خلال الفترة الراهنة، ما دفع بدوره إلى تحسن أداء كل الأجهزة، نتيجة توافر المعلومات اللازمة لمتخذ القرار، التي وفرت له تشخيصا دقيقا وحديثا لما يقع تحت مسؤولية جهازه التنفيذي، ومن ثم اتخاذ ما يلزم من إجراءات أو قرارات لازمة، عدا ما وفرته تلك الإحصاءات والمؤشرات الحديثة من إمكانات واسعة جدا لدعم جهود الرقابة والمتابعة والمحاسبة، وهو ما انعكس في مجمله على التحسن المطرد للأداء الحكومي، وتمكنه من تحقيق المستهدفات المحددة تحت مظلة برامج ومبادرات رؤية 2030.
على الرغم من كل ما تقدم ذكره أعلاه من منجزات، فلا يزال عدد محدود جدا من المؤشرات متأخرا عن الركب! إلا أن له وزنا نسبيا بالغ الأهمية تنمويا واقتصاديا ومجتمعيا، المتمثل في معدل البطالة، حيث ما زالت منهجية نشره زمنيا تتم كل ربع عام، في وقت أصبح ممكنا مع التقدم الكبير في مجال رصد بيانات سوق العمل توفيره بمواعيد شهرية، أسوة بما هو معمول به في الاقتصادات المتقدمة وعديد من الأسواق الناشئة، ورغم أن بيانات سوق العمل أصبحت تتوافر شهريا وفقا "للمرصد الوطني للعمل"، إلا أن منهجية نشر معدل البطالة ما زالت متأخرة عن تلك المنجزات المعلوماتية، ويكفي الإشارة هنا إلى أن عدد وتوزيع العمالة في سوق العمل المحلية لشهر يناير الماضي قد تم نشره في اليوم الخامس من شهر فبراير الماضي، وقد تكون نُشرت بيانات فبراير الماضي بالتزامن مع نشر هذا المقال، في الوقت الذي ما زال أحدث معدل بطالة منشورا حتى تاريخه، هو المتعلق بنهاية الربع الثالث من العام الماضي، ووفقا للهيئة العامة للإحصاء على موقعها الإلكتروني، سيتم نشر بيانات السوق ومعدل البطالة للربع الرابع من 2023 بنهاية الشهر الجاري، أي بعد أن يكون "المرصد الوطني للعمل" قد نشر بيانات سوق العمل المحلية للثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري.
تكشف مقارنة بيانات السوق بنهاية يناير الماضي مع بيانات الربع الثالث 2023، عن ارتفاع حجم العمالة في القطاع الخاص بأكثر من 903 ألف عامل (+8.9%)، تأتى النمو الأكبر من العمالة الوافدة بنحو 849 ألف عامل (+10.8%)، مقابل 54.5 ألف عامل سعودي (+2.4%)، ما ترتب عليه تباطؤ معدل التوطين من 22.4% بنهاية الربع الثالث إلى أدنى من 21.1% بنهاية يناير 2024، ما يؤكد في خلاصته أهمية الاعتماد على النشر الشهري لبيانات السوق ومعدل البطالة من الهيئة العامة للإحصاء، وأن تتوافر بوقت أسرع أمام متخذي القرار ذوي العلاقة بالسوق، وبدرجة تالية متخذي القرار في بقية الأجهزة التنفيذية والقطاع الخاص، ما سيؤدي تحققه إلى رفع كفاءة منظومة الأعمال والجهود الراهنة، الساعية بصورة دؤوبة إلى تحقيق مستهدفات الرؤية، وهو الأمر الممكن تحققه نظير التقدم الكبير المنجز على طريق توافر الإحصاءات والمؤشرات بحمد الله، فهل نرى ذلك قريبا؟!