المستثمرون الأفراد ورقة رابحة في سوق الأسهم السعودي
شهدت سوق الأسهم السعودي تطورا غير مسبوق منذ إطلاق رؤية السعودية لعام 2030. فخلال تلك المرحلة تم التوسع في إدراج الشركات الكبرى المملوكة للدولة في سوق الأسهم وعلى رأسها عملاق الطاقة شركة أرامكو، الأمر الذي شجع الشركات الخاصة على طرح أسهمها. وقد تحولت السعودية إلى أكثر الأسواق نشاطا وأهمها من حيث عدد الاكتتابات في المنطقة.
التطور شكل فرصة لعديد من المستثمرين والصناديق المحلية في المنطقة وحتى العالم، ولكن الفرصة الأهم كانت للأفراد. فسهولة الدخول إلى السوق وتعدد الخيارات المطروحة أمام الأفراد وعدد الاكتتابات المرتفعة جعلت الأفراد يتخذون من سوق الأسهم كملاذ لاستثمار مدخراتهم وتنميتها. فمن ناحية تشهد أسعار الأسهم في السوق صعودا كبيرا، ومن ناحية أخرى يستفيد الفرد من توزيعات الأرباح التي تقرها الشركات كل عام.
وقد ارتفع عدد المستثمرين الأفراد في الشركات المدرجة بسوق الأسهم السعودي من 4.61 مليون مستثمر في 2016 ليصل بحلول الربع الثاني من 2024 إلى 6.47 مليون، بمعدل نمو مركب يتجاوز 40%. فيما ارتفعت عدد المحافظ الاستثمارية للأفراد من 9.2 مليون محفظة في عام 2016 لتصل بحلول الربع الثاني من 2024 إلى 12.4 مليون محفظة. وقد وصلت قيمة الملكية للمستثمرين الأفراد السعوديين (لا يشمل كبار المستثمرين الأفراد والمستثمرين المتخصصين الذين تزيد محافظهم عن مليون ريال) في سوق الأسهم السعودي بحلول أكتوبر 2024 إلى 161 مليار ريال، وذلك مقارنة مع 69 مليار ريال في نوفمبر 2017.
صعود السوق السعودي لم يجذب فقط الأفراد من داخل السعودية، وإنما من خارجها أيضا وبالأخص من منطقة الخليج. فقد ارتفع حجم ملكية المستثمرين الأفراد من دول الخليج في سوق الأسهم في السعودية من نحو 2.7 مليار ريال في نوفمبر من عام 2017 لتصل بحلول أكتوبر 2024 إلى 4.3 مليار ريال.
المستثمرون الأفراد الأجانب شهد نشاطهم في السوق السعودي نموًا ملحوظا. فقد ارتفعت ملكية المستثمرين الأجانب المقيمين في سوق الأسهم من 4 مليار ريال في نوفمبر 2017، لتصل بنهاية أكتوبر 2024 إلى 11.8 مليار ريال.
وقد كان برنامج الاكتتاب للشركات في السعودية، واحد من أهم عوامل تشجيع الأفراد على الانخراط في سوق الأسهم وزيادة استثماراتهم. فخلال الفترة (2018-2023) وصل عدد الاكتتابات العامة الأولية في السعودية إلى 106 اكتتابات، موزعة بين 54 اكتتابا في السوق الرئيسي (Tadawul) و52 في السوق الموازية (Nomu). مع استمرار الزخم خلال 2024 واتجاه عديد من شركات القطاع الخاص لإدراج أسهمها في سوق الأسهم.
أدت التكنولوجيا أيضا دورًا مهما في تشجيع الأفراد على الاستثمار في أسواق الأسهم. حيث تعمل منصات التداول والتطبيقات الإلكترونية المختلفة على تسهيل عملية الدخول إلى السوق وشراء وبيع الأسهم، وذلك دون تحمل تكاليف مرتفعة أو أي أعباء إضافية.
دخول الأفراد سواء من الداخل أو الخارج يسهم بشكل رئيسي في توفير حلول جديدة، لزيادة السيولة والتمويل في السوق. ويؤدي ارتفاع أعداد المستثمرين الأفراد وضخ أموال من خارج السوق من المدخرات إلى تجنب السوق أي تحديات تتعلق بالسيولة. وبالأخص في عمليات الاكتتاب الجديدة.
وتشير التوقعات أن سوق الأسهم يسير بقوة نحو مزيد من التطور وعمليات الاكتتاب الجديدة، ليس فقط من الداخل وإنما من الخارج. لذلك من المفضل بذل مزيد من الجهود لمشاركة الأفراد في السوق. ومنها إطلاق حملات دعائية لتشجيع الأفراد على الاستثمار، إضافة إلى إمكانية تشجيع العاملين في السعودية من الخارج على الاستثمار في سوق الأسهم، ولخفض المخاطر يفضل أن تكون الاستثمارات عبر أدوات مثل صناديق المؤشرات المتداولة.
ختامًا فإن الطفرة التي تعيشها سوق الأسهم السعودي والجاذبية التي خلقتها للأفراد مؤخرًا تمثل نقطة انطلاق مهمة، تجاه تغيير سلوكيات الأفراد وتشجيعهم على الاستثمار، ولضمان الاستمرارية فإن ذلك يحتاج إلى تطوير مستمر في البيئة التنظيمية، ومزيد من الحوافز المشجعة على دخول أفراد جدد إلى المنظومة، إضافة إلى استثمار إضافي في البنية التحتية التكنولوجية.