سياسة مالية داعمة لنمو الاقتصاد الوطني واستقراره

أظهرت نتائج الميزانية العامّة للدولة مع نهاية العام المالي 2024 ارتفاع إجمالي الإيرادات الحكومية بمعدلٍ سنوي 3.9% (1.3 تريليون ريال)، مدفوعةً بالنمو الجيد للإيرادات غير النفطية بمعدلٍ سنوي وصل إلى 9.8% (502.5 مليار ريال) كأعلى مستوى تاريخي تصل إليه، مستفيدةً بصورةٍ رئيسية من الأداء المتميز الذي أظهره الاقتصادي الكلي عموماً، والأنشطة غير النفطية على وجه الخصوص التي تمكنت من النمو بمعدلٍ حقيقي وصل إلى 4.3% خلال 2024، وهو يؤكد بدوره الجهد المبذول في ظل رؤية السعودية 2030.

واستمراراً لتطبيق المبادرات والإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد، كما أنّه يعكس تحسن نتائج الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد وتعزيز الأنشطة غير النفطية، ما يسهم في تعزيز الاستدامة المالية وتوسيع مصادر الدخل، حيث أشارت أهم وأبرز المؤشرات الاقتصادية إلى نمو كبير، وسجل مؤشر الإنفاق الاستهلاكي لكامل العام 2024 نمواً بـ 9.8% على أساس سنوي ليصل إلى أكثر من 1.7 تريليون ريال. كما سجلت الإيرادات النفطية الفعلية لنفس العام المالي نمواً محدوداً لم يتجاوز 0.3% لتستقر مع نهاية الفترة عند مستوى 756.6 مليار ريال.

وفي جانب النفقات الحكومية، فقد سجل الإجمالي نمواً سنوياً بـ 6.3% إلى نحو 1.4 تريليون ريال، وجاء الزخم الأكبر لزيادة الإنفاق الحكومي من جانب الانفاق الجاري بنمو سنوي بلغ 7.0% إلى نحو 1.2 تريليون ريال، مقابل نمو الإنفاق الرأسمالي بـ 2.2% إلى 190.7 مليار ريال كأعلى مستوى له منذ 2018. وبناءً عليه فقد استقر العجز الفعلي للميزانية عن العام المالي الماضي عند 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، وهو أعلى مما كان متوقعاً في بداية العام الماضي المقدر بـ1.9%.

ويعزى ذلك الارتفاع إلى تبنّي الحكومة لسياسات الإنفاق التوسعي الداعم للنمو الاقتصادي. وعلى مستوى الدين العام، فقد ارتفع إلى أعلى من 1.2 تريليون ريال (738 مليار ريال دين داخلي، 478 مليار ريال دين خارجي)، يقابله توافر احتياطيات حكومية ممتازة، تمكّن المالية والاقتصاد من التصدّي المتين لأية صدمات مالية واقتصادية محتملة.

وبالنظر إلى أهم وأبرز الأسباب التي أدّت إلى ارتفاع النفقات الفعلية في الميزانية الماضية، سيجد المراقب إلى أنّه جاء في ظل السعي الدؤوب للحكومة عبر سياستها المالية إلى توجيه الإنفاق لتنفيذ المشاريع التنموية والحيوية، التي تسهم باستمرار في تسريع تحقيق أهداف التنويع الإنتاجي والاقتصادي للاقتصاد الكلي للسعودية، مع ضمان المحافظة على الاستدامة المالية، وتعزيز نمو الاقتصاد السعودي، ضمن إطارٍ دقيق للتخطيط المالي طويل الأجل، وضمن الحيّز المالي المتاح الذي يمنع نشوء أي أشكال للتضخم في الاقتصاد، ويحافظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي.

كل ذلك يؤكد أنّ السعودية ستواصل التوسع في الإنفاق الإستراتيجي على المشاريع التنموية بالوتيرة نفسها، والاستمرار في تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تحقيقاً لمحاور رؤية السعودية 2030، من أجل وطن طموح، واقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، وهو ما يؤكد بوضوح النجاح المتواصل لرفع الإيرادات غير النفطية عبر تنويع الاقتصاد أسهم في تطوير بيئة الأعمال وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية، إضافة إلى المساهمة في تحسين الميزان التجاري للسعودية.

ختاماً، تبين المحاور الرئيسية للسياسة المالية استمرار جهودها وعملها الراسخ، للحفاظ على مركز السعودية المالي وتحقيق الاستدامة المالية من خلال المحافظة على مستويات معتبرة من الاحتياطيات الحكومية، التي استقرت عند أكثر من 390 مليار ريال خلال 2024.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي