وش اسم الحي؟!
''شمال خريص''، ''غرب شيشة السعادة''، ''شرق درب الوادي''، ''جنوب كسارة أبولافي''.. كلها تسميات لمخططات بيعت قبل أكثر من ثلاثين عاماً ويقيم فيها ساكنون يمتلكون بيوتاً أقيمت على أراضي تلك ''المخطخطات'' بعد تقسيمها وبيعها آنذاك! وتتميز صكوك هذه العقارات بأنها كبيرة و''لافحة'' وتنفع للـ ''هفهفة'' في أيام الحر الشديد، كما أنها كثيرة التحبير و''التلزيق'' والشرح والتأشير.. مائلة للصفرة!
طيب.. أين المشكلة؟
المشكلة أن كل من يحاول بيع بيته الكائن في هذه الأحياء، والتي كانت تعتبر بعيدة عن وسط الرياض آنذاك، يفاجأ أثناء إتمام الصفقة في كتابة العدل أن عقاره ممنوع من ''الصرف'' وأنه مطالب بتعديلات بسيطة فيما يلي موجزها:
1- تغيير اسم الحي من ''شمال الدحديرة'' إلى حي ''نسائم النرجس''!
2- التغيير يتطلب إحالة من كتابة العدل إلى البلدية التابع لها الحي!
3- تصل معاملتك إلى البلدية بعد ثلاثة أيام، هذا إن كنت محظوظاً!
4- بعد أن تشق طريقك من بين عشرات المواطنين المنتظرين للمساح وإطلالته المهيبة، يقلب الموظف المسؤول أوراقك ويقول ''صح عليك''، بيتكم في ''نسائم النرجس''!
5- تبحث عن موظف ''ناسخ''، وتدعو المولى كثيراً ألا يكون الجهاز معطلاً أو الطابعة خالية من الحبر.. وألا يكون قد علق بداخلها كيس شاي ''ليبطون''!
6- تطبعها ''من بكره'' وتتناولها سعيداً، قبل أن يفاجئك الموظف ويقول: ''اطلع بها لمكتب رئيس البلدية!''... تقول لنفسك: ''عادي.. وش المشكلة؟''!
7- تدخل بوريقاتك على سكرتارية رئيس البلدية، ويوجهك أحدهم ''مبتسما''، وفي هذا عمق فلسفي غزير، أن تأخذها إلى الصادر والوارد، ويستلمها منك موظف الصادر ويقول.. يقول... يقووول: ''راجع الأمانة!''
8- تستفسر بكل سماحة نفس قائلاً: ''لازم؟''... ولا تنتظر طويلاً حتى تزدرد فجيعتك، وتستخدم التساؤل التعويضي الثاني وتقول: ''طيب متى نراجع الأمانة'' أو ''هي الأمانة على خبري في وسط الرياض... عند الزحمة هناك!!''
في هذه الأثناء، مطلوب من الزبون أن ينتظر الانتهاء من مراجعة حكومية تستغرق من ثلاثة أسابيع إلى شهر.. وهذا ما لن يحصل في أغلب الأحيان، لأن المشتري ستصيبه ''صفرة'' القلق وسيخشى على ماله من الاحتراق على أعتاب عقار في مرتبة ''كان''... ولم يرتق إلى مرتبة ''آن''! لاحظوا أيضاً أن المعاملة التي ''سوف'' تحال من البلدية الفرعية إلى الأمانة المركزية، يفترض أن تحال هي بدورها من الأمانة إلى كتابة العدل، وهناك لن تنتهي المشكلة عند هذا الحد، فكتابة العدل حريصة على إصدار صك جديد باسم الحي الجديد حفظاً للحقوق، وهذا سيستغرق يوماً آخر لتدوين شرح كاتب الضبط على المطابقة، ويوماً آخر لإصدار صك جديد باسم المالك القديم.. قبل أن يتمكن المالك القديم (ثالث يوم) من بيعها إلى المالك الجديد.. بينما يحتفل البائع والمشتري معاً باحتساء نخب تعطيل أشغال الشهود، وهو في الغلب ''شايحليب''، بعد أن طال ''تسحيبهم'' بين ردهات وممرات و''درجات'' المبنى!
وللحديث بقية!