حواء في غرفة جدة

لا توجد مجاملات بين المتطوعين والمتطوعات في كارثة جدة، عندما يطغى السيل على أرض عروسها، وشوّه جمالها، ومزق ثيابها، وعكّر ماءها .
لا تسألوني اليوم ولا غدًا ولا بعد حين عن «الأربعاء الأسود» بجدة، ولن أتساءل عن أسباب الكارثة، ولن أكتب رثاء - وهذا أمر لا يجدي - أو مبررات، وهذا أيضا أمر لا يليق. لقد حَسم الأمرَ المرسومُ الملكي الكريم المعني بمعالجة كارثة سيول جدة من ملك البلاد الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود لنصرة الحق، وسيحاسب كل مقصر ومتهاون في كارثة العروس.
ويبدو أن مجتمع جدة، كان في حاجة إلى جرعة مكثفة ليثبت حبه لمدينته، التي لا مثيل لها وهذا ما فعلته النماذجُ المشرقة في العمل التطوعي صهرتهم بوتقة العمل الخيري في مركز الفعاليات للغرفة التجارية الصناعية في جدة، جمعتهم مشاعر مشتركة لحب الخير والوطن، وضمت نماذج من المثقفات والمثقفين وأصحاب وصاحبات الأعمال حتى الأطفال اشتركوا في توزيع الإعانات على المتضررين، وشمروا عن سواعد الجد، فكلهم تحول منقذا دون شهادة إنقاذ؛ أما حواء أبت إلا أن يكون لها بصمة حاضرة في هذا العمل الوطني فكانت رمزا له لم يحجبها المواصلات ولا قلة المركبات. طموحها ودافعها للعمل الخيري عشقُ مدينتها، وهذا أمر لا يفرضه الطبع، ولا تنكره العادة، ولا يمليه التقليد. إنه يعيش في أعماق سكانها وزوارها من انتصارات وانكسارات وحب ونجاح.
نعم، يبدو أن المجتمع الجداوي بحاجة إلى أيام؛ لتطهير نفسه واختبارها لعمل الخير والتخلص من غلو طقوس المجاملات.
وإن كارثة جدة صحوة لسكانها من سبات الغفلة أفرادًا وجماعات، ووحدةٌ صفوفنا. فواجهْنا أخطاءنا ببأس يهزم كارثتنا من أعماقنا مستثمرين نتائجها اهتداءً إلى الصواب، وتنبهْنا أننا في معظم المواقف مسؤولون عن أخطائنا؛ فنواجهُها تقويمًا وتصويبًا وإصلاحًا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي