المخاطر السيادية في صدارة قائمة مخاوف المصرفيين عام 2010

إن هذه الأوقات ليست بالأوقات العادية، حيث إن مديري المخاطر لدى أكبر البنوك العالمية، خلال العامين الماضيين، أُرغموا على مواجهة سلسلة من الظروف التي تسبب الصدمة، كما يبدو وكأنها أحداث تأتي من بعيد، أو "مخاطر لاحقة" كما توصف.
لذلك، فإن من غير المفاجئ، أن مديري المخاطر هؤلاء يجوبون الأفق الآن بحثاً عن أي صدمات محتملة جديدة. وبينما يعدون، ويجربون سيناريوهات لعام 2010، "أو يحاولون تخيل ستة أمور مرعبة قبل الإفطار"، كما يقول أحدهم، فإن القضية التي تسبب الكثير من عدم الراحة هي المخاطر السيادية، وموضوع الضمانات المرتبطة بذلك.
حتى وقت قريب تماماً، لم يكن هذا بالأمر الذي تقلق البنوك كثيراً بخصوصه في العالم الغربي، نظراً لما كان هنالك من افتراض على نطاق واسع بأن الوضع الائتماني للبلدان الأوروبية، وللولايات المتحدة، كان آمناً للغاية.
هكذا، فإن البنوك الكبرى في معاملاتها المالية اليومية، اعتادت على التعامل مع العقود التي تبرمها مع الكيانات الغربية السيادية بصورة مختلفة عن تلك التي توقعها مع الشركات الخاصة.
كان أكثر ما يلاحظ هو أنه حين يتوصل البنك إلى صفقة عملات أجنبية، أو مشتقات ذات معدل فائدة، مع بنك آخر، أو شركة أخرى، فإنه كان في العادة يطالب الطرف المقابل بتقديم بعض الضمانات لضمان قدرة البنك على استعادة الأموال المملوكة إذا ما تعثرت أوضاع الطرف الآخر.
وحتى الآن، لم تطلب البنوك ضمانات لدى تعاملها مع الكيانات السيادية، نظراً لما كان يفترض على نطاق واسع بأن الحكومة الغربية لن تصبح غير قادرة (أو غير راغبة) في احترام شروط صفقاتها.
بالمثل، حين قدمت البنوك قروضاً للدول السيادية الغربية أو ببساطة، اشترت ديونها في صورة سندات، فإنها لا تخصص بصورة معتادة احتياطيات كبيرة، نظراً لاعتبار مثل هذا الدين "مرجحاً بقيمة صفر من حيث المخاطرة" في قواعد تنظيم البنوك، كما أن معظم البلدان الغربية يحمل تصنيفات ائتمانية من فئة AAA.
الوقت الراهن يشهد بداية شعور بعض كبار رجال المصارف بعدم الراحة. وبعد كل شيء، فإن الصفقات التي توصلت إليها البنوك مع الكيانات السيادية يعتقد أنها تمثل شريحة مهمة من سوق المشتقات. والأكثر من ذلك، هو أن مثل هذه العقود يمكن أن تكون لـ 10، أو 20، أو 30 سنة، الأمر الذي يعني أن الأرباح والخسائر في صفقة مشتقات يمكن أن تتذبذب ضمن نطاق واسع، وكذلك هي حال مخاطر الطرف المقابل المحتملة.
ليست هنالك في الوقت الراهن إشارة إلى أن حكومة غربية كبيرة على وشك أن تتخلف عن الوفاء بأي صفقة. غير أن الدراما التي أحاطت بأوضاع كل من اليونان ودبي، كانت بمثابة مكملات "إيقاظ". والأكثر من ذلك، أنه كما لاحظت وكالة موديز هذا الأسبوع، فإن سياق تقييم المخاطر السيادية قد تغير بصورة دراماتيكية منذ بداية الأزمة في منتصف عام 2007، ويتوقع مزيد من "الاضطراب" في عام 2010، نظراً لأن الأوضاع المالية للبلدان الغربية تتدهور على نحو سريع للغاية.
ما زالت البنوك الكبرى في الوقت الراهن متكتمة بشدة، حول نواياها بخصوص التعامل مع هذه المخاطر السيادية. وحتى في الأوقات الجيدة، فإنه نادراً ما تناقش البنوك سياسات الضمانات بالتفصيل، وذلك خوفاً من أن تكشف أكثر من اللازم ما تفكر به حول سلامة أوضاع العملاء الماليين، والعملاء من الشركات. وأما في لحظات التوتر المالي، فإن البنوك تزيد من السرية، نظراً لأن إطلاق الكلام على علاّته يمكن أن يشعل هلع الأسواق.
غير أن بعض البنوك الكبرى يحاول التعامل مع المخاطر، باستخدام العقود السيادية لمشتقات الائتمان التي يقصد منها تقديم التأمين ضد عجز السندات الحكومية. وحين ترى مكاتب التداول أسعار العقود طويلة الأجل الخاصة بالكيانات السيادية، تتذبذب، فإنها تبدأ بمطالبة المتداولين باقتطاع مقايضات عجز ائتمان سيادية للتحوط، أو منع تلك المخاطرة.
تساعد مثل هذه الممارسات مكاتب التداول على الالتزام بقواعدها الداخلية. غير أن من غير الواضح مدى فعالية هذه العقود إذا حدث عجز سيادي، نظراً لأن هذه الصفقات تكتب في العادة من جانب تجمع صغير من المشاركين المترابطين داخلياً. وهكذا، فإن كبار مديري بعض البنوك الكبرى يناقشون الآن ما إذا كانوا في حاجة إلى المضي قدماً، والبدء في تخصيص المزيد من الأموال الاحتياطية للأشكال المختلفة من المخاطر السيادية، بالطريقة ذاتها التي يخصصون فيها لاحتياطيات لمخاطر الشركات، أو مخاطر الأسواق الناشئة.
هنالك عدد قليل من البنوك التي تريد فعل ذلك، نظراً لأن معظمها يعاني عجزا في رأس المال. ويعترف عضو في مجلس إدارة بنوك غربية كبرى الذي يتوقع أنه بعد عامين من القلق إزاء مخاطر الرهن، والشركات "بأنه حين ترى أموراً كالتي تحدث في اليونان، فإن من الصعب تجنب هذه القضايا، وأنه سيكون هنالك نقاش واسع إزاء هذا الأمر في عام 2010" لدى كل من البنوك، والمجتمع الاستثماري على نطاق أوسع.

المصدر: فاينانشيال تايمز

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي