الاستثمار في التعليم في المملكة .. (5) جامعة الأمير سلطان في الرياض .. مثلا
لا أعتقد أن هناك مواطنا أو مقيما يسكن الرياض لم يسمع عن ويعرف جامعة الأمير سلطان لسبب أو لآخر, فهي أولا أقدم الجامعات الأهلية في الرياض, حيث بدأت جامعة الأمير سلطان في تلقي طلبات الالتحاق بها في مستهل العام الدراسي 1999/2000, وهي ثانيا تتمتع بموقع متميز ومعروف للجميع على طريق الملك عبد الله, في قلب العاصمة, كيف لا وهي مطوقة بـ (ممشى الحوامل) الشهير والجميل والحضاري؟ وبجوار الحوامل ممشى الشيوخ وكبار السن أمثالنا, محاولين المحافظة على ما بقي, وهو ليس بالكثير, وفي مشيهم أو زحفهم, تطل عليهم المباني الفارهة للجامعة ومساحاتها المنسقة الفسيحة وملاعبها الرياضية المتعددة, فإذا رأوا ذلك كأني بلسان حالي وحالهم يقول:
ألا ليت الشباب يعود يوما فأمتعه بالدراسة في جامعة سلطان
متحسرين على أيامهم الجامعية القديمة متنقلين بين الكليات القديمة في شارع الجامعة وشارع الستين في الملز والجسر الرابط بينهما, ولا ننسى كليات عليشة القديمة.
ومن المعلوم أن الجامعة تأسست بمبادرة من أهالي مدينة الرياض كنواة أولى, حينما أعلنوا إنشاءها فرحا بمقدم الأمير سلطان بن عبد العزيز من رحلته العلاجية (الأولى) التي تكللت بالنجاح, وقد بارك هذه الهدية التي بادر بها الأهالي ودعمها بتبرع سخي, وقد انطلقت هذه الجامعة بفضل الله, ثم بفضل الجهود التي بذلها ويبذلها الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم التي تبناها ورعاها بجهوده ـ حفظه الله.
ومن أهداف الجامعة الرئيسة الإسهام في إعداد الكفاءات العلمية المؤهلة لتلبية احتياجات المجتمع في مجالات علوم الحاسب الآلي والمعلومات, والعلوم الطبية والهندسة التطبيقية وتحقيق المستوى العلمي المتميز, وترسيخ الجدارة العلمية في استعمال اللغة الإنجليزية ولغة الحاسب الآلي, وإتاحة فرصة التعليم الجامعي الجديد والمتميز لعدد أكبر من شباب المجتمع, لتنمية العناصر الوطنية التي تحتاج إليها سوق العمل من خلال الإعداد والتدريب, التواصل مع قطاعات المجتمع ومواكبة التقدم العلمي والتقني مع المحافظة على الأصالة العربية والإسلامية.
وبجانب رسالة جامعة الأمير سلطان العلمية والتعليمية فقد أنشأت عام 1425هـ مركز الأمير سلمان للبحوث والترجمة, الذي يعد المصدر الرئيس في تحقيق رسالة الجامعة في مجال تشجيع البحث العلمي بأنواعه, ويقوم المركز بدعم نشر البحوث في أرقى المجلات العلمية, وقد أنشئ هذا المركز إدراكا من إدارة الجامعة أهمية البحث العلمي في تطوير المجتمع ورفع كفاءة أعضاء هيئة التدريس والارتقاء بجودة البرامج الدراسية, وهو أيضا نافذة تطل منه الجامعة على المجتمع, معطية وآخذة, وداعمة لمسيرة التطور التي تشهدها, ومثرية البحث العلمي بجميع أنواعه ومستوياته. ورؤيته: السعي إلى التميز في مجال البحث العلمي والنشر وإجراء الدراسات وتقديم الاستشارات. ويصعب علي حصر حديثي عن هذه الجامعة في مقالة واحدة, حيث كل جانب فيها يغري بالحديث عنها إما لكونه متميزا وإما لكونه متفردا وإما لكونه جديدا متجددا, ومراعاة للمساحة الممنوحة لي من رئيس التحرير فسأختم بالحديث عن قسم من أهم أقسام الجامعة لي شخصيا, وهو قسم هندسة التصميم الداخلي ـ بنات, الذي تدرس في آخر مرحلة فيه ابنتي منيرة وزميلاتها الكريمات, والذي تشرفت وفخرت شركة هرفي للخدمات الغذائية بأن رعت مسابقة للتصميم الهندسي عن مطاعمها من قبل طالبات هذا القسم, حيث فزن بجدارة بجوائز قيمتها 150 ألف ريال, وأبدعت الطالبات بمشاريع هندسية فائقة الجودة "حكمها" وشهد لها اثنان من أشهر مهندسينا في المملكة هما المهندس الدكتور غازي بن سعيد العباسي (جامعة الملك سعود ـ العمارة والتخطيط) والمهندس عبد الإله المهنا (مكتب عبد الإله المهنا للاستشارات الهندسية) بمشاركة المهندس مصطفى الوكيل مدير عام المشروعات في شركة هرفي.
ومن المعلوم أن كلية البنات في جامعة الأمير سلطان تأسست عام 2002 لتلبية الاحتياجات المتغيرة للمجتمعين المحلي والإقليمي من القوى العاملة النسائية العالية التأهيل, وحرصا من الكلية على تنويع التعليم الأكاديمي للبنات الذي كان يقتصر على برنامج علوم الحاسب وبرنامج نظم المعلومات واللغة الإنجليزية لبرامجها الثلاثة: اللغويات التطبيقية, اللغويات الحاسوبية ـ الترجمة ثم أضيف إليها قسم جديد لتدريس هندسة التصميم الداخلي. ومن أهداف هذا القسم إعداد خريجات يسهمن في مراحل التنمية والتطور الثقافي على المستويين المحلي والعالمي والمساهمة في تطوير بيئة أصيلة تجمع بين المكتسبات المحلية والتقنيات الحديثة, وتطوير المعرفة في مفاهيم الاستدامة والتراث المحلي, وخدمة المجتمع للمساهمة بالأبحاث العلمية التطبيقية المحلية والاستشارات الهندسية المتخصصة. هذا ما سمحت به المساحة عن هذه الجامعة الفتية, وكنت أتمنى الحديث عن مهام ورسالة عمادة شؤون الطلاب وخدمة المجتمع في الجامعة وأمور أخرى كثيرة مغرية لحديث عنها, كما قلت لكم سابقا, ولكن للمساحة أحكام.
وإلى اللقاء مع جامعات أهلية أخرى .. وتسلمون دائما.