شركة المياه والدور المنتظر منها في تحسين الخدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الهدى, وبعد.. إن ما أسطره في مقالي هذا ما هي إلا خواطر وملحوظات رأيت طرحها عسى أن يستفاد منها. فلقد استبشر بعض المواطنين بتخصيص مرفق خدمة المياه والصرف الصحي, وجعل القائم عليها شركة (بالتخصيص) للتخلص من الروتين والبيروقراطية الإدارية السائدة في الأجهزة الحكومية, وما يستتبع هذا من تحسين ورقي في تقدم خدمات ترقى إلى مستويات عالية من الجودة, وبأسرع وقت ممكن, لكن بعد فترة من قيام شركة المياه لم نشاهد تغيراً يذكر في تحسين توزيع المياه على الأحياء بشكل عادل, ولا بمراقبة جادة لاستخدام المياه من قبل بعض المواطنين الذين يهدرون هذه الثروة الناضبة والقليلة بتصرفات غير مسؤولة عندما نلاحظ المياه تتسرب في الشوارع, وهم يغسلون الأرضيات والمركبات بشكل عشوائي، فلا رقابة يخافون منها, ومعروف أن ''من أمن العقوبة أساء الأدب'', وليس هذا القصور والتقصير الحاصل فقط, بل هناك ما هو أفظع وأشد أن نرى في بعض الشوارع مياهاً تتسرب بشكل كثيف مكونة بركا من المياه نتيجة انفجار أنبوب المياه الرئيس أو الفرعي, ولمدة طويلة دون أن نرى سرعة وجدية في إصلاحها, بل قد تبقى أياماً. ولقد قال لي شخص أثق به إنه أبلغ عن حالة ولم يجد تجاوباً, بل لاحظت في الحي الذي أسكن فيه أنه بعد الإبلاغ عن عدم وصول الماء إلى منزلي مدة طويلة, فقد جاء فريق للإصلاح ولم يوفق ثم جاء فريق آخر واتضح أن السدد بالتراب في الأنبوب الرئيس, وليس في التوصيلة, ما يعطي الانطباع الواضح عن سوء التنفيذ, وكنت أتوقع من الشركة أن تصلح التمديدات بشكل كامل, لكن هذا لم يحصل, ما ترتب على الوضع أن حصل تسرب للمياه في مكان غير بعيد من الأنبوب, وكان حريا بالشركة أن تُحدث التمديدات بأنابيب ذات جودة عالية, وبمواصفات جيدة, وبكفاءات متمكنة وقادرة على أداء الواجب على أكمل وجه كي نعرف أن هناك تغيراً قد حصل بوجود الشركة, لأن تنفيذ العمل وإتقانه هما معيار التميز بين ما كان في السابق, وما جد بوجود الشركة الجديدة التي يفترض أنها على مستوى جيد من التجهيز والإمكانات, والكفاءات المدربة, وليس الاعتماد على عمالة عادية لا تحسن العمل فتكون سبباً في تردي الوضع, وكأن لا تغير قد حصل بوجود الشركة, وإن ما ذكرته آنفاً لمحة مختصرة مما لاحظته ولدى غيري من المواطنين ملحوظات أكثر, خصوصاً الساكنين في جنوب الرياض وشرقه, وحري بالمسؤولين بالشركة أن يشددوا الرقابة, ويصدروا التوجيهات الحازمة التي تكفل حسن الأداء, والرفع من مستوى أجهزة التنفيذ, والصيانة حتى يظهر بشكل جلي الدور المنتظر من هذه الشركة.
ومن حيث مجاري الصرف الصحي, فقد لفت نظري وجود عمالة من الشركة تقوم بحفريات في الشارع الذي فيه منزلي, وبالسؤال عن المشكلة الموجبة للحفريات ذكروا لي عن انسداد أنبوب الصرف الصحي, وهذا ذكرني بما سبق أن نوهت عنه في مقال سابق نشر في هذه الصحيفة يوم السبت بتاريخ 28/9/1424 هـ الموافق 22/11/2003 عندما قلت: '' .. غير أن من الملحوظ أن الأنابيب صغيرة القطر رغم أنها في شوارع رئيسة أو فرعية, وكأنها في قطر التوصيلات المنزلية أو قريبة منها, والتنفيذ بهذا المستوى قد تترتب عليه مشكلات ومعوقات من ذلك عدم استيعاب مياه الصرف الصحي وما فيها من مخلفات, ما يؤدي إلى خلل كانفجار الأنبوب أو انسدادها من المخلفات التي لا تتحلل في المياه, وغير ذلك من الأمور الفنية التي يجب أن يدركها المختصون من المسؤولين منذ البداية بشكل يجعل تنفيذ المشروع في مستوى جيد تلافياً لأي انفجار أو انسداد للأنابيب, مما يوجد مشكلة أكبر من طفح البيارات ...'', وأنا أعيد وأكرر ما سبق أن أبديته من ملحوظة, إذ قد حصل ـــ فعلا ـــ ما أبديته حتى تقوم الشركة بتلافي حصول ذلك في أي مشروع تقوم بتنفيذه سواء في تحديث مجاري الصرف الصحي المنفذة التي ظهرت عيوبها, وهي كثيرة, أو المشروعات التي تنفذ في بعض الأحياء الجديدة, إذ من الواجب أن تكون بمواصفات, وشروط فنية عالية الجودة, وبتنفيذ ممتاز متى كانت الرقابة على التنفيذ بكفاءات وطنية مؤهلة علماً وتدريباً, وهذا يجعلها مخلصة في رقابتها على تنفيذ المشروع بما يكفل استمرار أداء الخدمة مدة طويلة دون أن تظهر فيه عيوب فنية. فالملاحظ أن عدداً من المشروعات المختلفة تظهر فيها عيوب فنية بعد التنفيذ بمدة قصيرة رغم أن تكاليف التنفيذ في العقود عالية, ولا يعرف بدقة السبب الحقيقي وراء هذا, إذ يقول بعض الناس إن المقاول الأصلي لا يقوم بالتنفيذ, وإنما يأخذ نصيبه (ربحه) من العقد, ويتعاقد مع مقاول من الباطن ليتولى التنفيذ بقيمة أقل من قيمة العقد الأصلي, فلا يكون التنفيذ على المستوى المطلوب بالعقد الأصلي, فضلا عن التأخر في التنفيذ, لأن المقاول من الباطن قد لا يكون بالمستوى المؤهل لتنفيذ المشروع, ناهيك عن قلة مبلغ التنفيذ لأن المقاول من الباطن قد التزم بالتنفيذ بمبلغ أقل من قيمة العقد الأصلي المبرم مع المقاول الذي رست عليه العملية, وهذا الذي يقال لا يستبعد أنه أحد أسباب تدني مستويات تنفيذ المشروعات الحكومية, ومنها مشروعات المياه والصرف الصحي, ولهذا حري بشركة المياه أن تتجنب كل ما من شأنه أن يؤثر في عمليات تنفيذ مشروعاتها كي يضرب بها المثل كشركة أرامكو السعودية وغيرها من الشركات الناجحة حتى يتحقق الهدف من إنشاء الشركة لنقول إنها قد قامت بالدور المنتظر منها, وهذا يعتمد على مدى جدية وحرص مجلس إدارة الشركة والمسؤول الأول ومعاونيه، فهم المعتمد عليهم في رسم خطط وبرامج الشركة من اختيار واقتراح المشروعات, واختيار العاملين في الشركة, فكلما كان ذلك في مستويات عالية كانت النتائج عالية وظاهرة للعيان يشهد بها كل مستفيد من خدمات الشركة.
أقول ما تقدم ذكره بحكم أنني مواطن يحب أن يرى كل تطوير قد أتى بنتائجه المرجوة, ولا يقتصر على مجرد تغيير الاسم, وتغيير شكلي بحت في الوظائف والأسماء دون الجوهر, وهو تحقيق جودة الخدمة ورفع مستوياتها, ما يُعد الهدف الأساسي للتغيير بغرض التطوير. والله الموفق إلى الطريق القويم, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.