الطب في زمن النانو

النانو كلمة شاع استعمالها هذه الأيام، وكثر الحديث عن تطبيقاتها، ونال المجال الطبي نصيبه من الجدل حول مدى إمكانية تطوير التقنيات الطبية عن طريق الاستفادة من التطور التقني لما أصبح يعرف بتقنية النانو. ولعله من المناسب أن نبدأ الحديث هنا بنظرة سريعة إلى مصطلح "تقنية النانو"؛ كون هذه التسمية يكتنفها بعض الغموض ويعتريها الكثير من الضبابية حتى لدى بعض المثقفين. والسبب في ذلك جهل البعض معنى كلمة نانو أو الاعتقاد بأن المصطلح يعنى بتقنية لم تكن موجودة في الأساس.
مصطلح "النانو" يستخدم كوحدة قياس مثلها مثل المتر أو الجرام أو غير ذلك من وحدات القياس مع اختلاف النانو عن الوحدات الأخرى في المقدار، فمثلا المتر الواحد يتكون من مليار نانو متر، والجرام يحتوي على مليون نانو جرام.. وهكذا. كما أنه يجب التأكيد على حقيقة، وهي أن مصطلح "تقنية النانو" لا يقصد بها تقنية جديدة كليا، إنما الحديث هو عن تقنيات كثيرة موجودة ومتداولة، وبسبب نظرتنا "سابقا" إلى هذه التقنيات من خلال وحدات قياس أكبر من النانو (مثلا المايكرو متر أو المليمتر) فإن هذه المنتجات والتقنيات التي دخلت في تصنيعها لم تنسب إلى وحدة قياس معينة. ولتوضيح أكثر للصورة.. هناك العديد من المنتجات الطبية، منها مثلا الأقنعة الطبية المستخدمة في العديد من المستشفيات تم إنتاج نوعية جديدة منها تمت تسميتها بأقنعة النانو، والسبب في ذلك كون هذه الأقنعة تم تصنيعها بمواد تم التحكم في تركيبتها بدقة تصل إلى مستوى مقياس النانو، ومن ذلك إدخال ذرات الفضة النانونية في نسيجها من أجل زيادة كفاءة هذه الأقنعة في مكافحة البكتريا.
مما لا شك فيه أن البشرية تعيش في زمنٍ أضحى التقدم الطبي مبهرا على كل الأصعدة، وأسهم في ذلك وبشكلٍ كبير توافر التقنيات الحديثة عالية الدقة. ولعل التقنيات التي تعتمد على التعامل مع تركيبة المواد المستخدمة في المجال الطبي إلى ما يصل إلى مقياس دقيق وصغير جدا "النانو" يكون لها دور أكبر في رقي الخدمات الصحية. والتقنيات النانونية في المجال الطبي عديدة، منها ما يخص إنتاج الأدوية الأكثر دقة وفاعلية؛ كون تركيبة هذه الأدوية الكيماوية تم التحكم فيها بدقة تصل إلى أضعاف ما كان يتم سابقا، كما أن توافر أجهزة ومعدات قادرة على جعل عملية الفحص والتشخيص تتعامل مع أدق التفاصيل في الجسم البشري ستكون له آثار إيجابية عديدة.
وربما تكون لنا وقفات أخرى أكثر تفصيلا عن النانو في الطب في مقالات لاحقة - بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي