حديث أم زرع

حديث أم زرع

<a href="mailto:[email protected]">kjalabi@hotmail.com</a>

يعتبر هذا الحديث من ينابيع الأدب وتأريخ لحقبة، كما يقوم بتشريح خاص لأحاديث النساء الداخلية الخصوصية ورأي كل امرأة في زوجها، كما يروى أوضاع البيوت ونوعيات الأزواج، وأنا شخصيا استمتعت جدا به حينما حفظته واعتبره مع مجموعة أحاديث أخرى من ينابيع الفكر الجميلة. وسوف أحاول فك معنى الكلمات الصعبة التي جاءت كما وردت في كتاب (زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم ) للشنقيطي . تروي السيدة عائشة رضي الله عنها قصة 11 امرأة روت كل واحدة وضعها مع زوجها فقالت: (جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً) ويبدو أن هناك علاقة حميمة بين تلك الزوجات (قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث مهزول على رأس جبل لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى) ويظهر الذم فيه فلا فائدة منه ولم تكن الأولى التي ذمت فقد أكملت الثانية ففضلت ألا تنشر فضائحه (قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره إني أخاف ألا أن أذكره أذكر عجره وبجره(أي عيوبه). أما الثالثة فيبدو أنها تتحمل على مضض زوج لا يحتمل (قالت الثالثة: زوجي العشنق (أي الطويل المذموم سيئ الخلق) إن أنطق أطلق وإن اسكت أعلق؟) ولكن حظ الجميع ليس كذلك حيث يبدو على الرابعة أن عندها زوج عجيبا لا تمل صحبته (قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة) وأنا أعرف تهامة من جنوب المملكة وهي عند الساحل تماما كما ذكرتها المرأة ولكن ليس في الصيف وفعلاً فإن النوم على شاطئ البحر هناك فيه متعة وارتخاء وهدوء لا يعرفه إلا من ذاقه ويبدو أن المرأة كانت محظوظة بهذا الرجل. ولكن الخامسة عندها زوج من نوع بين بين (قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد وإن خرج أسد ولا يسأل عما عهد) والرجل الذي لا يسأل المرأة كثيرا في أمور المنزل يبقى مريحاً نسبياً. إنها مع رجل لافت لأعماله وتجاراته وقد ترك لها حرية التصرف في البيت وهو لا بأس به. أما السادسة فعندها زوج يحمل من الصفات غير المشجعة سواء في صوت الفم أو الالتفات إلى زوجته ليضمها أحياناً ونحن هنا نرى شيئا من الصراحة التي لا نتجرأ على الخوض فيها حسب ثقافتنا الإسلامية ولكن عائشة رضي الله عنه تنقل لنا هذه الصور بأمانة ( قالت السادسة: زوجي إن أكل لف وإن شرب اشتف وإن اضطجع التف ولا يولج الكف ليعلم البث). أما السابعة فقد حظيت بزوج هو كارثة فهو عيي النطق ومزعج ويستخدم يديه في الضرب فيكسر الرأس أو الفك (قالت السابعة: زوجي غياياء ((الخيبة عياياء (ربما عاجز جنسيا) طباقاء (أحمق) كل داء له داء شجك أو فكك أو جمع كلاً لك) يبدو أن هذا الزوج كان شرسا جدا وفاشل جنسيا. أما الثامنة فقد وصفته على نحو معكوس فهو طيب الرائحة ناعم الملمس (قالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب والريح ريح زرنب) أما التاسعة فقد وصفت زوجها بالمركز الاجتماعي المرموق والكرم (قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد (عمود الخيمة) طويل النجاد (السيف) عظيم الرماد (من كثرة الضيافة) قريب البيت من الناد). كذلك وصفت العاشرة زوجها بالكرم (قالت العاشرة: زوجي مالك وما مالك؟ مالك خير من ذلك له إبل كثيرات المبارك قليلات المسارح وإذا سمعن المزهر (ربما الدف أو عود الغناء فرحا بالضيوف) أيقن أنهن هوالك وفي النهاية يأتي وصف الحادية عشرة لزوجها وهو بيت القصيد حيث تصف أم زرع زوجها على هذه الشاكلة في وصف مطول ( أناس من حلي أذني وملأ من شحم عضدي .. عنده أقول فلا أقبح وأرقد فأتصبح وأشرب فأتفنح .. أم أبي زرع عكومها رداح وبيتها فساح .. بنت أبي زرع طوع أبيها وطوع أمها وملء كسائها وغيظ جارتها). وكانت عائشة رضي الله عنه تقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول لها كنت لك كأبي زرع لأم زرع. ويبدو أن صفات الرجل الكريم الحليم المثالي كان الناس يتناقلونها يومها في هذه القصة وكان حظ عائشة هو هذا الرجل عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

الأكثر قراءة