شاهد عيان على شراكة الرياض وصنعاء من (بوابة جدة) إلى (شواطئ المكلا)

<p><a href="mailto:[email protected]">abdullahbinmahfouz@gmail.com</a></p>

ذكر داود الشريان في مقال له في صحيفة "إيلاف" أن (بوابة جدة) ومعاهدتها التاريخية فتحت الطريق أمام أرضية صلبة وقوية لعلاقات الرياض وصنعاء، وها هي نتائج اجتماعات (المكلا)، تقف شاهدة على علاقة شراكة حقيقية بين البلدين.
والتأكيد على ذلك أيضاً، أنه من حصيلة النتائج التي خرجت بها اجتماعات الدورة السابعة عشرة لمجلس التنسيق اليمني ـ السعودي دخول القطاع الخاص بين البلدين من خلال مجلس الغرف السعودية واتحاد الغرف اليمنية في البيان الختامي لمجلس التنسيق كجواد رابح يمكن الاعتماد عليه في بناء التنمية التي تم طرحها في أجندة الاجتماع، فكانت المواضيع الاقتصادية التي تم بحثها ومناقشتها في هذه الدورة السابعة عشرة متفاعلة وتستند إلى معادلات الربح والخسارة، أن العلاقات بين البلدين انتقلت إلى مستوى نوعي ومتميز ومرحلة جديدة تفتح آفاقاً حقيقية للشراكة والتكامل في مختلف المجالات والقطاعات، وصولاً إلى ما يجسد تطلعات الشعبين ويخدم مصالحهما ويعزز من قدراتهما في التطور والنماء وتحقيق الازدهار الذي يعود عليهما وعلى أجيالهما المقبلة بالخير.
وتلك النتائج الإيجابية هي بلا شك ما تبعث على مزيد من التفاؤل بجدية الخطوات المقبلة, ولا سيما أن اجتماعات مجلس التنسيق في مدينة المكلا هي ما حرصت على أن يكون لها وقع خاص وأن تتميز عن الدورات السابقة، بفاعلية القرارات التي خرجت بها, التي تم التركيز فيها على استشراف معطيات الحاضر والمستقبل بمنظار يتميز بالوضوح والواقعية والفهم الواعي للظروف الدقيقة التي تمر بها منطقتنا، وما تندر به من تحديات، وهو ما استشعرته القيادتان في البلدين واختارتا طريق الشركة الاقتصادية أولا لمواجهة تبعات تلك الظروف لقناعتهما الراسخة بأن خيار الشراكة وحده من سيوفر لهما فرصة السير معاً في نسج علاقات تتمتع بقدر كاف من الحيوية في مجابهة تلك العوامل والتصدي لتبعاتها وتطويقها قبل استفحالها.
وتبرز مصداقية هذا التوجه في دلالات ومغزى توقيع البلدين على الخرائط النهائية للحدود، ما يدل معه على أن اليمن والسعودية قد طوتا مسألة الحدود نهائياً وأغلقتا هذا الملف بكل موروثاته ومنغصاته لتتفرغا لقضايا التنمية، منتصرتان لآمال شعبيهما، اللذين قدما المثال والقدوة في إنجاز الحل التاريخي لقضية الحدود، وذلك عن طريق الحوار والتفاهم الأخوي.
وما يهمنا الآن وما يجب ألا ننساه أن السعودية واليمن بدأتا مساراً جديداً يستند في مقوماته إلى العمل الدؤوب لما من شأنه ترقية العلاقات الثنائية وتوسيع آفاقها، باعتبار أن ذلك هو الهدف الذي ينبغي أن تكرس له كل الجهود والطاقات، خصوصاً أن المعول على البلدين الكبيرين هو استمرار التواصل والتنسيق حيال مجمل القضايا المتصلة بأوضاع المنطقة واستقرارها وما يسبغ على شعوبها الأمن والطمأنينة، ويؤمن المستقبل لأجيالها ويحميها من الأنواء العارضة أو المحتملة، فالمستقبل هو من حق هذه الأجيال وعلينا أن نضع اللبنات التي تهيئ لتلك الأجيال التمتع بحياتها في مناخات آمنة ومستقرة.
وإذا كانت اجتماعات مجلس التنسيق اليمني – السعودي قد خرجت بالنتائج التي كنا ننشدها أكان ذلك على نطاق التعاون الثنائي والتكامل الاقتصادي أو الشراكة الاستثمارية، فإنها أيضا قدمت التعبيرات الدقيقة عن خصوصية العلاقات بين البلدين، حيث أبرزت المعدن الأصيل لأبناء الذين حافظوا على نقاء وصفاء هذه العلاقات ما مكنها من تجاوز كل العثرات والأزمات والمنعطفات الصعبة.
والحق أن هذه الشواهد التي نقطف اليوم ثمارها في السعودية واليمن، ما كان لها أن تكون بهذا الإشراق لولا تلك الرعاية التي حظيت بها هذه العلاقات من قبل القيادتين الحكيمتين ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز ورئيس الجمهورية اليمنية فخامة الرئيس علي عبد الله صالح.
فمن خلال تلك الرعاية أمكن للعلاقات اليمنية – السعودية تحقيق النجاح والتفوق وبلوغ مقاصدها على دروب الخير والتعاون والمحبة.
ولعل من المهم الإشارة في هذا السياق إلى التركيز على البعد الاقتصادي التنموي والاستثماري الذي تجلى في التمهيد لالتئام اجتماعات مجلس التنسيق وانعقاد اجتماع لمجلس رجال الأعمال اليمنيين والسعوديين, الذي تتبين فيه المسارات الجدية في الارتقاء بمجالات التعاون لبلوغ الشراكة الرسمية والشعبية اتجاهات تكاملية تنتقل من الثنائية إلى النطاق الخليجي ومن ثم العربي والإسلامي التي تمثل طموحاً تؤسس لتحقيقه اليمن والسعودية على قاعدة روابط شبكة المصالح بينهما التي هي قوة دفع لحركة هذه التوجهات منتقلة بها إلى مستويات جديدة غير مسبوقة، لتأتي نتائجها معبرة عن الإنجازات المحققة خلال السنوات الأخيرة في قطاعات التجارة البينية والاستثمار في مجالات مهمة تشكل "مدماكاً" متيناً يقوم عليه بناء الشراكة والتكامل المنشود الذي يرتقي إلى موجبات الأواصر والصلات التي تجمع الشعبين السعودي واليمني ومتطلبات مصالحهما في الحاضر وتطلعاتهما في المستقبل، ذلك أن تنامي المصالح واتساعها وبلوغها مستويات نوعية تشكل الضمانة الرئيسة لأمن واستقرار البلدين وكل شعوب منطقة الجزيرة والخليج وعليه يتحقق التطور المتوازن الذي لا مجال فيه إلا لمواصلة الانطلاق إلى الأمام لما فيه خدمة مصلحة الشعبين والبلدين الشقيقين ليمضيا قدماً في مسيرة الرقي والازدهار المحققة لرفاهية جيل الحاضر والأجيال المقبلة لتكون زيارة الأمير سلطان بن عبد العزيز والدورة الـ 17 لمجلس التنسيق اليمني – السعودي حاملة بشائر خير, عطاءات مستمرة ومتجددة تحققها العلاقات اليمنية – السعودية وينعم في ظلها أبناء السعودية واليمن بكل ما يحقق لهم المنعة والعزة والرفعة.
ختاما يظل تفعيل قرارات مجلس الأعمال السعودي ـ اليمني في يد وزارة المالية في البلدين وما يتبعه من إدارات أخرى مثل الجمارك وهيئة الاستثمار وصندوق التنمية السعودي ولن ينجح القطاع الخاص دون تفعيل منها, وتبقى قراراتنا حبرا على ورق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي