على مشارف العيد.. هل تغني الرسائل؟
كثير منا يشتكي سرعة دوران الزمن وقصره، فتجد الواحد منا يقول ما أسرع الوقت لقد انتهت السنة أو انقضى الشهر وهكذا.. والسبب الواضح هو انشغال الإنسان أكثر بنشاط ما مع تزايد في متطلبات القيام بذلك النشاط على الرغم من التقدم التقني، وبالتالي مرور الزمن دون الإحساس به. وليس مقامنا هذا شرح فلسفة الزمن ومقومات الإحساس بمروره من عدمه وما اقتضت به أنماط الحياة والمعيشة المختلفة وتغيراتها كي ننسب سرعة دوران الزمن إليها، لكن المراد هنا هو الإلماح إلى تسارع وتيرة هذا الدوران على الأقل نفسياً، حيث نعيش الآن العشر الأواخر في شهر رمضان والذي قبل أيام معدودة كنا نتبادل تهاني دخوله وبلوغنا إياه. إن المناسبات الاجتماعية سواء كانت دينية أو دنيوية أراها في حياة مجتمعنا مقارنة بالمجتمعات الأخرى أكثر من غيرنا، وهذا بسبب ترابط المجتمع وقوة تماسك نسيجه، فالأسرة غالباً يعرف أفراد بعضها بعضاً ولو كان بعيداً في دائرة القربى، والأصدقاء وزملاء العمل بينهم روح التآلف والأخوة والصداقة وهكذا. ولذا يجد الإنسان نفسه من الواجب مشاركة أعداد كبيرة لكل مناسبة ولو من باب المجاملة. ولقد استفادت التقنية اقتصادياً من هذه المناسبات وهذا الوضع "الخصوصي" للمجتمع، بل شجعت عليه، لأنه من صالح مقدمي خدمة التواصل والاتصال. فالرسائل بالجوّال والبريد الإلكتروني وغيرهما من وسائل الاتصال التي أسهمت كثيراً في توسيع دائرة التواصل والمشاركة في هذه المناسبة، بل ربما خلقت سوقاً رائجاً لها، حتى إنني أرى أن هناك هدراً وإسرافاً في استعمالها. فكم من الرسائل تصلك من أشخاص لا يقعون في دائرة ولو المجاملين لك، فضلاً عن رسائل التهنئة التي من مؤسسات أو شركات بهدف أغراض دعائية. وليت قيمة هذه الرسائل استخدمت في سبل أعمال الخير كالجمعيات الخيرية مثل جمعية "كلانا" وغيرها بدلاً من الإرسال لكل اسم تم تخزينه في جهاز الجوّال.
إن الإحصاءات تشير إلى زيادة الهدر وعدم الاستعمال الأمثل والكفاءة في الاستخدام. فمثلاً في عام 2009م بلغت الرسائل في الساعات الأولى حين الإعلان عن عيد الفطر ثلاثة ملايين رسالة!! أي أكثر من 12 في المائة تقريباً من تعداد السكان قاطبة، سعوديين وغيرهم، أطفالاً وشيوخاً، أرسلوا على الأقل رسالة واحدة في أولى ساعات الإعلان للتهنئة!! بلا شك أننا نستعمل ولو مجاملة هذه التقنية أو الوسيلة من التواصل في غير محلها لتكون موقع هدر، إذ إن الأولى أن تذهب على الأقل تكاليف هذه المجاملة إلى مَن يستحقها، فهل نرى ذلك في الأعياد القادمة؟