مفارقات مرورية بين الإمارات والسعودية
خاطبت سفارتنا في الإمارات الشقيقة ـ كما جاء في جريدة ''عكاظ '' ثالث أيام العيد ـ إدارتي الجوازات والجمارك الإماراتية في منفذ البطحاء الحدودي مطالبة إياهما بوضع لوحة كبيرة في مكان بارز لتوضح أنظمة وقوانين السير في الإمارات للسعوديين القادمين إليها برا بسياراتهم، وجاء هذا الطلب من سفارتنا بعد تزايد حالات المخالفات المرورية التي يقعون فيها وتحملهم دفع غرامات مالية كبيرة وصلت خلال الشهرين الماضيين إلى 20 ألف ريال، لممارستهم قيادة سياراتهم هناك بالطريقة السعودية المعتادة في شوارعنا وما فيها من مخالفات بالجملة والقطاعي حتى بات الخروج على النظام هو النظام والالتزام به خروجا عليه، وسحب سيارات كثير منهم للوقوف الخاطئ، وتحويل بعضهم للمحاكمة المرورية أمام النيابة العامة هناك.
لم تسبق لي زيارة الإمارات، لكني سمعت ممن زاروها مدى النظامية، خاصة في السير والمرور، وكيف تطبق أنظمتها بكل دقة وجدية وعدم تهاون أو مجاملة، وهو ما جعل حركة السير والمرور لديهم منظمة ومنتظمة والجميع يحرص على الالتزام بها لمعرفته أن حبل المخالف ليس على الغارب.
المشكلة التي يعانيها كثير من السعوديين مع قوانين وأنظمة السير في الإمارات مثلا لا يعود إلى أنها صارمة ولا متعسفة ولا بالطبع لتربص وتقصد بالسعوديين، بل نتيجة لسلوكنا الفوضوي في قيادة السيارة، الذي تعودنا عليه في بلادنا لعدم شعورنا بعقوبة ارتكاب ما يحلو لنا من مخالفات مرورية، فنحن مثلا لا نشعر برادع من ارتكاب مخالفة وقوف خاطئ حتى ولو أدى ذلك إلى تعطيل حركة السير، ولا الدخول بعضنا على بعض، خاصة عند الإشارات الضوئية للتسابق على المرور منها، ولا حين نعاكس الطريق ونمارس الذاتية المفرطة على حساب النظام وحق الآخرين في المرور، ولا الانشغال بمهاتفة جوالية وتعطيل الحركة، ولا الدخول على المسارات الأخرى عنوة ومن دون سابق إنذار، وغير ذلك كثير مما أصبح سمة لا نظامية حركة السير والمرور لدينا، وكيف لنا ذلك وجميع هذه المخالفات تحدث أمام بصر رجل المرور الذي لا يحرك ساكنا إلا ما ندر جدا، بل إن بعضهم يمارسها بكل أسف، فقط ما استطعنا التحكم فيه والسيطرة عليه جزئيا هو السرعة المفرطة في بعض الطرق بفضل ''ساهر''.
هذه المفارقة فيما يتعرض له السعوديون من غرامات وعقوبات مرورية في دولة منظمة مروريا كالإمارات، وما تعودوا عليه من سلوك مروري خاطئ في بلادهم، لا تحل بمطالبة الآخرين بتوضيح ما لا يحتاج إلى توضيح، فأنظمة السير والمرور المطبقة في الإمارات مثلا ليست بدعا، بل هي الأنظمة والقوانين المتعارف عليها عالميا ومنها أنظمتنا المرورية، لكن الخلل في أنها تطبق بحذافيرها في الشارع لديهم، بينما لدينا موجودة على الورق فقط، وهنا يمكن القول إن المسؤولية في ذلك تقع على عاتق إدارات مرور بلادنا التي عليها أن تباشر تطبيق أنظمة وقوانين السير والمرور بالدقة والمتابعة نفسيهما كما هي في الإمارات بعد تهيئة أرضيتها من تخطيط سليم وواضح ومحدد للمسارات ولوحات تبين المخالفات ومدى السرعات ثم تحاسب كل من يخرج عليها بالنظام والقانون، ومن دون ذلك فلن نعالج سلوكنا المروري الخاطئ الذي يحرجنا أمام أشقاء قد تتكون لديهم عنا صورة نمطية سلبية بناء على ذلك.