فيروسات نطاقات

من المبكر أن نصدر حكماً بنجاح أو فشل برنامج نطاقات الذي أعلنته وزارة العمل أخيرا، وسيبدأ تنفيذه قريباً بحيث تُصنف مؤسسات وشركات القطاع الخاص إلى أربعة نطاقات بحسب نسبة توظيفها للسعوديين والسعوديات مع اختلاف النسبة المطلوبة لكل نطاق وفقًا لحجم المؤسسة أو الشركة وكذلك المجال الذي تعمل فيه بعد أن تم تقسيم المجالات إلى إحدى وأربعين مجالاً. وتتم معالجة البيانات وتصنيف المؤسسات والشركات آلياً. كل التوقعات تشير إلى أن البرنامج سيحقق نجاحًا، ومن وجهة نظري فإن عددًا من المهددات وجوانب الخطر قد تحبط جهود القائمين على البرنامج وتجهض توقعات المجتمع.
الفساد هو أول تلك الفيروسات؛ فعلى الرغم من أن البرنامج آلي ويعمل حاسوبيًا كما أعلن المسؤولون عنه؛ إلا أن الفساد بكافة أشكاله من رشوة ومحسوبية وواسطة لا يعترف بالأنظمة الآلية المتقدمة ولا بالتعليمات الرسمية مهما بلغت صرامتها خصوصًا إذا أحيطت بالسرية والكتمان، بل إن هذه البيئة المظلمة هي التي تنشط وتزدهر فيها الفيروسات وغيرها من الطفيليات والبكتيريا المدمرة. ولذا يجب أن يتضمن برنامج نطاقات أعلى درجات الشفافية والوضوح بحيث تكون كل التأشيرات الممنوحة معلنة، ويتاح للجميع الاطلاع عليها والاستفسار عنها والاعتراض أو التظلم بيسر وسهولة، وهذا ممكن في ظل وجود نظام آلي وحاسوبي.
أذكر أن وزارة التربية والتعليم إبان تولي معالي الدكتور محمد الرشيد قيادتها قد اتخذت منهجًا مماثلاً في نقل المعلمين والمعلمات فكثيراًَ ما يعقب صدور حركة النقل التي ينتظرها المعلمون والمعلمات المغتربون شكاوى وتظلمات من عدم العدالة، فاتخذت الوزارة قراراً بمكاشفة الجميع بأسباب عدم نقلهم في مقابل نقل من يعتقدون بعدم أحقيتهم في النقل، فسرعان ما هدأت النفوس الثائرة وارتاحت القلوب المحتقنة، فنفس الأهداف يمكن أن تحققها وزارة العمل بالإضافة إلى كشف أي حالات فساد فور حدوثها.
الفيروس الثاني هو حملة إعلامية مضادة يشنها كبار المنتفعين من النظام السابق بسبب تعرض مصالحهم الشخصية للتهديد، وبالتأكيد لن يخوضوا هجوماً مباشراً في ظل ضعف حجتهم وتهافت وجهة نظرهم، ولكن سيلجأون تارة إلى حالة فردية لرب أسرة تهدد مصدر دخل أسرته الذي كان يحصل عليه من تستره على بضعة عاملين ومن ثم تُنشر مقاطع لهم في بعض المواقع الإلكترونية أو تقابلهم بعض الصحف اليومية.
يجب أن يؤمن كل العاملين في وزارة العمل وفي غيرها، أن هذا الشخص الذي يعتقد أنه ضحية لبرنامج نطاقات أنه هو من جنى على نفسه وعلى أسرته، بسلوكه للسبل الخاطئة للرزق التي ألحقت أفدح الأضرار بشباب الوطن ومقدراته، وأنه بهذه الإجراءات سيوفر مستقبلاً أفضل لهم بمن فيهم أبناء المتستر وعائلته.
إن لكل علاج أضراراً جانبية يجب أن تتقبل، وإلا فإن المرض قد يستشري ويهدد الجسد كله، وكذلك يجب أن يدرك القائمون على برنامج نطاقات أنه سيصيبهم شيء من النصب والتعب والهجوم والتحايل والمراوغة؛ فيجب أن يتحلوا بالإصرار والدأب والعزيمة الصادقة التي لا تلين حتى نحقق بعون الله النجاح المأمول وليكن هدفنا رفعة النفس والوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي