العباقرة الثلاثة في الشعر والسياسة والاغتيالات

العباقرة الثلاثة في الشعر والسياسة والاغتيالات

<a href="mailto:[email protected]">kjalabi@hotmail.com</a>

في عام 1070م، اجتمع ثلاثة من العباقرة، في جامعة (نيسابور)، ضمتهم غرفة واحدة، فيها يأكلون وينامون ويتدارسون، هم (عمر الخيام) و ( نظام الملك) و ( الحسن الصباح).
وكان الثالث أشدهم دهاءً.
وفي يوم قال الحسن الصباح لرفيقيه: يا شباب يبدو أننا في طريقنا للوزارة، فماذا تقولون: أن نتفق أن من وقعت في حضنه تفاحة السلطة أذاق رفيقيه شيئاً من حلاوتها؟
قال الآخران اتفقنا.
وكان اتفاقا ترتبت عليه لعنة للمنطقة.
وتقول لنا الأيام إن مصير الثلاثة كان متبايناً فأما (نظام الملك) فقد قفز إلى كرسي الوزارة، عند مغامر قفز بالحصان العسكري على رقبة الخليفة العباسي، وأمسك بالحكم هو السلجوقي (ألب أرسلان).
وأما (عمر الخيام) فقد انصرف لشعره وخمره وفلسفته العدمية التي أطبقت عليه من ظلمات الوضع العربي في تلك الأيام، بعد أن أمن على معيشته بـ 600 دينار شهري خصصها له القصر الملكي.
أما الثالث (حسن الصباح) فكان طموحه غير محدود، وحاول منافسة زميله (نظام الملك) على كرسي الوزارة، فاحتدم الصراع بين الرجلين، كاد فيه الصباح أن يدفع عنقه ثمنا له، ففر لينشئ تنظيما فولاذياً سريا، بعد اتصاله بالإسماعيليين، في إيران والتدرب على أيديهم.
واستطاع الوصول إلى شيخ الجبل وهو (عبد الله بن عطاش)، الذي أعطاه أسرار الجماعة وأموال الإسماعيلية.
وقام بعدها بتطوير العمل على نحو عبقري، حيث رأى أن العمل السري المسلح لا يحتاج لجيوش كثيرة، بل عناصر قليلة حسنة التدريب، متينة الانضباط، شديدة الولاء، إلى حد العبادة، وبهيكلية خاصة، بتنظيم خاص غير قابل للاختراق، ينتشر مثل السرطان، وبعدد محدود من صغار الشبان، الذين يتم غسل أدمغتهم بالتعصب والحشيش.
وكان الرجل قد اكتشف مادة (الحشيش) في مصر، فرأى فيها فرصة ممتازة للشباب، حيث يتم سقيهم بالحشيش حتى الخدر اللذيذ، ثم إدخالهم عالماً خاصاً يذكر بالجنة، من الأنهار والفاكهة والحور العين، يطوف عليهم الغلمان كأنهم لؤلؤ مكنون؛ فإذا استيقظوا أوكلت لهم المهمات الانتحارية. وكانت عناصر (التنظيم) على ثلاث طبقات (الدعاة) وهم القادة الحزبيون. ثم طبقة (الرفاق) وهم المشرفون على تنفيذ الاغتيالات، وفي القاعدة القذائف الانتحارية (الفدائيون) من الشباب المدربين على الموت في سبيل شيخ الجبل.
وعندما حاصر (ملكشاه) السلجوقي إحدى قلاع الإسماعيليين، أرسل (الحسن الصباح) مجموعة من الفدائيين، أغمدت الخنجر في صدر صديق الأمس نظام الملك.
ودشنت هذه الجريمة كما يقول القلعجي "عهداً جديداً في تاريخ الشعوب الإسلامية ظل الاغتيال فيه سلاحاً سياسياً طوال مائة عام".
وبقي الحسن بن الصباح أكثر من عشرين سنة في حصنه (آلاموت) عش النسر "ينظم الدعوة، ويؤلف الكتب، ويدرب الجيوش، ويعلم الشبان، ويحيك المؤامرات، ويرسل الفدائيين لقتل الأمراء والوزراء والحكام من خصوم الإسماعيليين بالخنجر المسموم".
ومات عام 1124 وخلفه (كيابزرد حميد) وعندما تعرضوا للاضطهاد في إيران لجأوا إلى سوريا، فأنشأوا تنظيما أشد ترويعا وإرهابا على يد شيخ الجبل الثالث سنان في قلعة مصياف

الأكثر قراءة