أعطني حظ وارمني في البحر !!
كثير ما نسمع أن ظروف الحياة صعبة والاقتصادية منها خانقة , وأنه لا يمكن للفرد أن يبني مستقبله تحت وطأت الظروف الاقتصادية الحالية , و خصوصا مع ظروف غلاء المعيشة وقلة الفرص. وهناك من يلوم الزمان فيرى أن الذين سبقونا كانت لهم فرص أكثر من زماننا, وأن الحظ له دور رئيسي في الحياة, وتلك أحاديث نسمعها تُثار وتناقش بين فئات من المجتمع.
ومن كثرة ما رُددت وكررت تلك الآراء أعطت انطباعا خاطئا , و رسمت صورة قاتمة للمستقبل خصوصا لدى الطلبة أو حديثي التخرج , ولكن ولو تتبعنا الأمر لوجدنا أن في العصر الحديث كانت هناك أزمات أقوى وأشد من الظروف التي نعيشها الآن.
ففي النصف الأول من القرن العشرين عاش العالم كله أزمات كبيرة من أهمها وقوع الحرب العالمية الأولى والثانية , وتخللهما فترة الكساد الكبير في أمريكا عام 1929, والتي أكلت معها الأخضر واليابس , وكان لها تأثير قوي على كل دول العالم الفقيرة منها والغنية , ومع ذلك استفاد أناس من تلك الأزمات ماديا .
ويعتقد البعض الآخر أن الطفرة الاقتصادية الأولى والتي شهدتها المملكة في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات كانت هي السبب الرئيسي في بناء الثروات الفردية الضخمة , وربما كان هذا القول صحيح ولكن ليس على إطلاقه , فالأمر نسبي حيث أن في كل زمان تتوفر فيه فرص مختلفة.
وبمقارنة بسيطة بين الفترتين نجد أن تنوع الفرص والوسائل التي كانت في نهاية السبعينيات أقل من التي نملكها في الفترة الحالية, وذلك لأن الوسائل والإمكانيات تتطور مع تقدم الزمن مما يفتح الأبواب لفرص أكثر.
ففي بداية التسعينات مثلا كانت انطلاقة الانترنت والتي كان البعض يظن أنها وجدت لتسلية ولمضيعة الوقت , بينما كان آخرون لديهم استعداد فكري وبعد نظر, فرأوا أن هذا المجال ربما يكون هو المستقبل لبناء الثروات .وهناك قائمة تحدث سنويا تضم أكثر من ثلاثين شابا مليونيرا كونوا ثرواتهم عن طريق الانترنت, وقد كانت بداياتهم بسيطة جدا.
وهناك أحدى الدراسات تشير إلى أن أستخدم الانترنت في المملكة قفز إلى عشرة أضعاف خلال العشر السنوات الماضية , وأن 20% من هؤلاء يستخدمونها في أغراض تجارية.
والمجالات والفرص عديدة وكلنا بلا استثناء مرت علينا فرص في هذه الحياة, ولكن الفرق أن البعض منا كان عنده الاستعداد لاغتنام الفرص, وأما الأخر فظل في مكانه يشتكي ويندب الزمان ويردد “ أعطني حظ وارمني في البحر ".
إن الحظ هو بعد توفيق الله استعداد فكري وجهد مبذول ثم الانقضاض بلا تردد على الفرص السانحة.