رواق الرياض للمعرفة مرة أخرى
تحدثت في مقال سابق عن رواق الرياض للمعرفة وأهميته كأداة عملية لربط مؤسساتنا الأكاديمية والبحثية برباط حسي منظور لتتسنى لنا زيادة الروابط الإنسانية والاجتماعية بين تلك المؤسسات لتكون منظومة واحدة تسعى إلى تحقيق أهدافها مجتمعة، حيث إن هذا الأسلوب متبع في كثير من البلدان المتقدمة.
حيث إن وادي السيليكون يربط عمليا بين الكثير من الجامعات والكليات والمؤسسات البحثية والشركات التقنية وكذلك روت 128 في بوسطن يربط بين أرقى المؤسسات التقنية في شمال أمريكا في مدينة بوسطن ومدينة كيمبردج التي منها جامعة هارفرد ومعهد إم آي تي وجامعة بوسطن والعديد من الكليات ومراكز البحوث المتقدمة، وقد نشأت هذه الروابط تدريجيا وبجهود كل الأطراف المعنية.
وقد لاقى المقال السابق ترحيبا من بعض الزملاء في الجامعة واقترح أحد الزملاء أن تقوم شركة أرامكو بتنفيذ هذا الرواق كهدية لمدينة الرياض، حيث إنه يعد فرصة للتعاون بين "أرامكو" والمؤسسات التعليمية والبحثية المتجاورة في مدينة الرياض.
وقد لا تقتصر الدعوة على شركة أرامكو فشركة سابك تملك الآن واحدا من أرقى مراكز البحث والتطوير في وادي الرياض في جامعة الملك سعود الذي يتوقع افتتاحه في الأيام القليلة المقبلة، وقد تكون أيضا مرشحة للعب دور كبير في تحديد رواق الرياض للمعرفة وتهيئته الحسية والعملية ليخدم أهدافها البحثية التي تطمح إليها عبر كل هذه الجهات الموجودة فيه.
وفي حال حدوث مثل هذا التجمع فإن فرصة استقطاب شركات بحثية من خارج المملكة ستزداد وسنستطيع الحصول على جزء من كعكة التقنية المتقدمة فلو أن تجمعا عربيا مثلا استحوذ على شركة جوجل في بداياتها مع وجود بيئة مناسبة لاحتضانها لكانت شركة توجه وتملك بأموال عربية وكذلك ماذا لو استحوذنا على أوريكل أو يوتيوب في بداياتهما فماذا نتوقع النتيجة؟
وفي فضاء التقنية المتقدمة تلوح الكثير من الفرص الاستثمارية والتي لا تحتاج إلى أكثر من دراسة فنية جيدة واستحواذ لتصبح من ممتلكاتنا، ولكن هذه الخطوات لا تتأتى دون وجود آليات تساعد على الحصول عليها ومن ثم تنميتها والاستفادة منها ومن هذه الآليات وجود واجهة ترمز للتقدم وتجمع بين حلقاته وهذا هو سبب دعوتنا لإيجاد مفهوم حسي للتجمع الذي سيؤدي إلى فوائد كثيرة تعود على المجتمع.
كما أن السلع الجيدة تحتاج إلى تغليف مناسب يحميها من العوامل المؤثرة الكثيرة ويساعد في إيصالها إلى المستهلك كذلك الحال بالنسبة لمنظومة البحث العلمي المتقدم فهو يحتاج إلى واجهة تميزه وتربط بين أرجائه ليظهر للعيان وليستطيع الجميع قراءته وفهمه والتعامل معه بشكل تناغمي يهدف إلى زيادة المخرجات الاقتصادية من جميع المؤسسات البحثية التي سيربطها رواق الرياض للمعرفة.
والدعوة مفتوحة لكل من أراد أن يشارك في هذا الحوار في محاولة للوصول إلى ما نهدف إليه لعلنا نساهم في ردم الهوة بين مؤسسات علمية بحثية تجتمع في سور واحد وتقع في مدينة واحدة ولكن المنظور هو أنها أبعد ما تكون عن التواصل والتعاون بينها والذي هو السبيل الوحيد لنجاحها مجتمعة أو فشلها جميعا متفرقة فمن يتابع الأبحاث في هذه الأيام يستطيع أن يكتشف أن اللعبة أصبحت لعبة عالمية وأن البحوث الراقية تنتج من جنسيات متعددة في ماراثون علمي مميز ومنافسة شريفة تفضي إلى تعاون وتكامل بين المؤسسات البحثية في كل أصقاع العالم.
فكما أننا استقبلنا قبل 30 عاما العمالة الكورية فنحن اليوم في أمس الحاجة إلى استقبال العلماء الكوريين وعلينا إيجاد الفسحة المناسبة لهم ولغيرهم من النخب على شكل إنشاء واستقبال شركات بحثية بادئة متقدمة تروى بثروتنا وتدار بعقول أبنائنا النيرة.