هيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة .. وآفاق الطموح

هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة طموح المسؤول والمواطن، وهدف الدولة الاستراتيجي لحل مشكلة البطالة، هذه الهيئة ستغني كثيرا من الشباب عن الوظيفة، وتملأ فراغ عدم التنسيق بين عديد من الجهات من أمثال الصناديق المانحة والوزارات، وقد يكون لها دور مع المستثمرين، ومؤكد أن ما ذكرناه جزء من الأسباب الموجبة لإصدار قرار إنشاء هيئة عامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة أخيرا، لكن ما هو أهم من إصدار أي قرار يتعلق حتماً بتطبيقه، وهذا يقودنا إلى تساؤل:
أين الحراك في هذه القضية على الرغم من مرور 294 يوماً من إصدار القرار؟
نحن نعرف أنه يوجد اليوم مجلس أو لجنة لشباب وشابات الأعمال في معظم الغرف التجارية في المملكة، وهؤلاء يمكنهم ـــ لو طلب منهم ـــ سد النقص الحاصل في الكوادر التي تشكل الأداة التنفيذية له، وهذا بالطبع إن كان سبب التأخير من هذه الناحية؟ وأكيد سينجح هؤلاء الشباب؛ لأنهم أكثر المستفيدين من هذه الهيئة، مع ما فيها من المصلحة العامة المؤكدة.
أنا ـــ أعوذ بالله من كلمة أنا ـــ كغيري من شباب المملكة، أحب أن أؤدي ما عليّ لبلدي، وأبسط ما يمكن تقديمه لها هو بناؤها، لكن لكي أبني، عليّ أن أكون قادراً، كي أكون كذلك، لا بد من طريق أسير فيه لتحقيق غايتي، ولقد وجدت الطريق، لكنه يحتاج كغيره من الطرقات، إلى علامات إرشادية، وإلى نظام، وإلى أمان، وإلى ... ساهر!
وقد التقط "ساهري" الخاص كلمات أحب أن أوصلها إلى المعنيين بتنفيذ القرار الذي طال إصداره وأخشى أن يطول تنفيذه، أريدهم أن يعرفوا بالفعل ما المنشآت الصغيرة والمنشآت المتوسطة والمنشآت المتناهية الصغر، أريدهم أن يعرفوا كل نوع منها؛ لأنهم لو جمعوها ضاعت جهودهم، على سبيل المثال، تعتمد هيئة المنشآت الصغيرة في الولايات المتحدة SBA في تعريفها على أمرين مهمين، الأول: عدد الموظفين، والآخر حجم المبيعات أو الدخل، وكذلك حسب كل قطاع، فالصناعي لا يتجاوز عدد موظفيه 1500 موظف، ولا يقل عن 500 موظف، وقطاع مبيعات الجملة لا يقل عدد موظفيه عن 100 موظف ولا يزيد على 500 موظف، لو رجعنا إلى المنشآت التي لدينا لاتضح ـــ بناءً على هذا التعريف ـــ أن الكثير منها أقل من الصغيرة أو ما يعرف بالمنشآت متناهية الصغر.
أما قطاع الخدمات، فحسب تصنيف SBA هو الذي لا يقل دخله عن 2.5 مليون دولار، ولا يزيد على 21.5 مليون دولار، وقطاع التجزئة لا يقل دخله عن خمسة ملايين دولار ولا يزيد على 21 مليون دولار، أما المقاولات العامة وهي بؤرة المتسترين في المملكة كان تصنيف الدخل حسب SBA، أي للمنشات الصغيرة لا يقل عن 13 مليون تقريباً ولا يزيد على 17 مليون دولار تقريباً، ولديهم عديد من التصنيفات لكل قطاع، فلماذا لا نستفيد ممن سبقنا في هذا المجال إذا كان هدفنا الإسراع والإفادة من تجارب الغير؟
ومع الحملة التي انطلقت بجهد مشترك بين وزارة الداخلية ووزارة العمل ستخلق عديدا من الفرص لشباب الأعمال الجادين، فعديد من المنشآت أغلق، المنشآت المخالفة التي كانت تتستر على الأجانب، وستكون الفرصة أكبر لأبناء وبنات هذا الوطن الغالي للمنافسة والتميز، لكننا نريد الإسراع، ولا شيء غير رؤية هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالفعل على أرض الواقع.
وأتمنى، ولا أزال أتمنى، أن يكون هناك تنسيق بين هذه الهيئة والبلديات في جميع مناطق، فالبلديات اليوم تمتلك أسواقاً، ومن أكبر العقبات أمام أي شاب يرغب في البدء بعمله التجاري تكلفة الإيجارات الخيالية، فلماذا لا يكون لدى البلديات محال يمكن أن تملكها في المجمعات التجارية مثلاً، وتكون هذه المحال عبارة عن قيمة الرسوم التي يجب أن يدفعها التاجر للبلدية والجهات الحكومية مقابل التراخيص، وتتم الاستفادة من هذه المحال أو المواقع التجارية وتحويلها لحاضنات أعمال يبدأ الشاب أو الشابة نشاطهم التجاري في الموقع لمدة ثلاث سنوات كأقصى حد وقبل هذه المدة تجرى اختبارات على رائد الأعمال إن كان فعلياً كذلك أم لا؟ كما يقيم نقاط الضعف لديه، وخلال هذه السنوات الثلاث يكون لديه مرشد يتابعه ليحصل على دورات في مناطق الضعف التي لديه، وتكون هناك متابعة، وفي حال تحسن المشروع يوماً بعد يوم، يكون قد استحق هذا المكان، وبعد ثلاث سنوات يكون مستعداً للاستقلال وتكملة طريقه وحده.. فهل هذا صعب عسير؟
الأفكار كثيرة، لكن المقال لا يتسع، ويبقى أملنا في أن ترى هذه الهيئة النور قريباً بعد أن تخطت اليوم أكثر من 294 يوماً على إقرار مجلس الشورى إنشاء الهيئة، فهل سنحسب في الأيام القادمة عدد التصريحات، أم سنشهد العلاجات، أم سنبقى على هذه الحال التي تؤثر السلامة وإن هلك الناس في البطالة والفقر والتخلف والعمل غير المجدي؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي