أحوال المطاعم .. وعديمو الذمة!

حملة جديدة تشنها أمانة مدينة الرياض على عدد من المطاعم ومصانع الغذاء وغيرها من البوفيهات، في حين كانت الحملة السابقة قد آتت ثمارها قبل أشهر، لكنّ هناك استشعاراً للخطر وبلاغات من المواطنين لا يمكن تجاهلها، بل هي المصدر الأول للوصول للحقيقة وللقيام بجولة تفتيش سريعة قبل أن يتنبّه المتمرّسون على إخفاء مخالفاتهم لتفادي ما يمكن أن يكون سبباً لوقف نشاطهم وتعريضهم للمساءلة والغرامات المالية.
إن أهم عنصر في نجاح الحملات التفتيشية هو تحقيق عنصر المفاجأة والوصول بسرعة إلى المواقع المشكوك في ارتكابها مخالفات تستوجب العقاب، وهذا يتطلب وجود عدد كاف من المفتشين والسيارات والفرق الميدانية المتكاملة، وتنفيذ الحملات في وقت واحد، فالمخالفون يتبادلون خبر شن الحملات ضدهم، بل يعتبرون نقل الخبر في عجالة نوعاً من الشهامة التجارية، في حين أن الواجب عليهم أن يتعاونوا على البر والتقوى والتناصح بالخير، بدلاً من ضرب أجراس الإنذار لكل مَن يعنيه الأمر.
لقد طالت المخالفات مطاعم شهيرة وأسماء كبيرة في مدينة الرياض، وثبت أن ترك الحبل على الغارب ليس قراراً صائباً، وأكثر خطأ منه هو افتراض الثقة والأمانة في صناعة وتقديم الغذاء للجمهور، فالصحة العامة ليست محلاً للهزل، كما أنها ليست ميداناً للتكسُّب غير المشروع وتسويق الطعام الرديء، وإذا كان التساهل غير مجدٍ، فإن المحافظة على صحة مرتادي المطاعم وحمايتهم من ضعاف الذمة، أمر في غاية الجدية، وهو محل تأكيد من قبل المسؤولين الذين يقلقهم، بلا شك، تلك الأخبار المتداولة عن سوء تخزين وإعداد الطعام، وتنوع وتعدد البلاغات وتتابعها في أكثر من موقع، أما الأسعار فحدّث ولا حرج، فهناك مبالغة وتسابق في رفع أسعار الأطباق، وكأن هناك سباقاً محموماً في تقديم الأغلى وليس الأفضل.
إن الحملة الصحية أدت فعلاً إلى إغلاق 52 محلاً ومطعماً وبوفيهاً، وهي قرارات عاجلة وسريعة التنفيذ، وتركزت الأسباب في جهل مصدر اللحوم وسوء النظافة العامة وانتهاء سريان تاريخ الشهادات الصحية وعمالة من دون شهادات صحية وتكديس المواد الغذائية بطرق غير صحية، إضافة إلى حفظ اللحوم داخل الثلاجات بطريقة غير صحية وغير آمنة، ووجود سكن عمال متصل بصالة التحضير، وسوء زيوت القلي غير الصالحة للاستخدام، ووجود حشرات داخل تلك المحال مع وجود خضراوات غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وعدم نظافة الأواني المستخدمة في الطهي.
وليس غريبا أن ينادي البعض بالتشهير بالمطاعم المغلقة، فالجمهور من حقهم معرفة أسماء تلك المطاعم المخالفة لتجنبها أولاً، وكي يكون في ذلك تحذيرٌ لغيرها من المطاعم ومصانع الغذاء، بل إن هذا هو الأسلوب الأفضل لتحقيق نتائج جيدة في الواقع، وتغيير سلوك الإهمال إلى الوعي بخطورة نشاط تقديم الغذاء، ورفع مستوى العناية وتقديم خدمة أفضل والالتزام بالشروط الصحية، والتقيد بتعليمات تشغيل العمالة واختيارهم ومراقبتهم في أثناء العمل.
ولا يقل خطورة عن المطاعم أولئك الباعة الجائلون في الشوارع، فهم غير مرخصين من جهة وغير موجودين في مكان واحد تسهل رقابتهم ومتابعتهم، أما طريقتهم في إعداد الطعام وتخزينه ومصادره فهي تبعث على الخوف على أطفال المدارس بالدرجة الأولى، لذا فإن وقف نشاط الباعة الجائلين في غاية الأهمية لحماية الصحة العامة، فهؤلاء لا يعرفون أبسط القواعد الصحية، بل إن مجرد وجودهم في الشوارع والأماكن العامة يعتبر مظهراً غير حضاري ويعطي انطباعاً غير جيد، فمثل هؤلاء الباعة المتنقلين محاربون في كل العواصم والمدن، ولا يمكن القبول بوجودهم مهما كلفت جهود وقف نشاطهم ومنعهم من الإساءة للصحة العامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي