محاسبة المسؤولين عن إنجازاتهم
تولي الدولة اهتماما بالغاً بالقطاعات الخدمية التي تتعلق بالمواطن وسبل تحسين معيشته، وتحاول جاهدة عند اختيار الوزراء والمسؤولين عن هذه القطاعات أن يكونوا من ذوي الكفاءات والقدرات التي تسهم وتطور مستوى الخدمات وطرق تقديمها، وتمنح صلاحيات واسعة للمسؤولين في هذه القطاعات وميزانيات هائلة، للوزير والمسؤول مطلق الصلاحية في صرفها، بحدود الأنظمة والقوانين الحكومية.
لكن ماذا عن سوء استخدام وهدر المال العام، سواء بقصد أو عن جهل؟
هل ستتم محاسبة الوزير - المسؤول عن طريق الجهات الرقابية، مجلس الشورى، المختصين، وغيرهم في قضية - قضايا الأموال التي تم هدرها؟
الأجهزة الرقابية المنوط بها هذا الدور موجودة وقائمة، الأنظمة والقوانين التي يتحدد في طورها وضمنها التجاوزات والصلاحيات موجودة وواضحة، لكن وجود الأجهزة الرقابية والأنظمة والقوانين إن لم يتم تفعيلها، يجعل وجودها وعدمها سواسية، ويجعل هذه الأجهزة الرقابية بحاجة إلى من يراقبها ويتابعها.
هناك العديد من القضايا ضد بعض المسؤولين في ديوان المظالم يدعي أصحابها تعرضهم للظلم والخسائر بسبب قرارات بعض المسؤولين ويبدون تظلمهم لهذه الجهة القضائية نتيجة تجاوزات بعض المسؤولين في قطاعات الدولة الخدمية وسوء استخدام المال العام.
لم تكن المسؤولية في يوم من الأيام وسيلة لاستغلال النفوذ والسلطة لخدمة المصالح الشخصية لهذا المسؤول أو ذاك، وللكسب المادي والمعنوي له وللمقربين منه، وأوضح دليلٍ على ذلك أن كثيرا من القضايا يُحل خلافها ونزاعها بمجرد عرضها على ولاة الأمر.
كما أن للمسؤولية والوزارة مميزات يحصل عليها الموظف أو الوزير، فإن واجبه مقابل هذه المميزات، المادية أو المعنوية، مسؤولية إنجاز الأعمال التي أُنيطت به مسؤوليتها على أكمل وجه دون هدر، إسراف، تفضيل جانب على آخر دون سبب أو تبرير، والمحافظة على الأمانة التي أُلقيت في رقبته دون تهاون أو تخاذل.
نريد دورا فاعلا وفعالا للقطاعات الخدمية لتطويرها وتحسينها، ومن الممكن جدا أن تكون قطاعاتنا الخدمية بحالٍ أفضل بكثير مما هي عليه في الوقت الراهن عندما نفعّل الأنظمة والقوانين ونقوم بتطوير البعض منها، قيام الأجهزة الرقابية بدورها كاملاً دون كسل، محاباة، تبريرات بحجة قلة الموارد، هدم إنجازات من سبقنا والبداية من نقطة الصفر بدلا من أن نبدأ حيث انتهى الآخرون، وأمور أخرى ليس هنا مجال سردها وعرضها.
نريد من يكمل مشوار من سبقوه بالبناء والتطوير ويبدأ حيث انتهوا، دون الحاجة إلى دفع تكاليف هدم إنجازات سابقة من الميزانية.
نريد الخطط والاستراتيجيات التي رسمت على الورق وتم التخطيط لها أمراً واقعا وإنجازا ملموسا نستفيد من خدمته. ببساطة وإيجاز، نريد أن تنفذ توجيهات ولاة الأمر بدقة وعلى الوجه الصحيح والمرغوب. فلنشارك جميعاً بالكلمة الطيبة، التشجيع، النقد، الدعم المادي والمعنوي لمساعدة من يحاول جاهدا تحسين وتطوير إداراتنا الخدمية ولا نتوهم بعد اليوم أن ذلك يعتبر تجاوزا لخطوط وهمية ذات ألونٍ حمراء وزرقاء، لأننا نثق بما نهدف إليه ويهدف له كل من يهمه شأن هذا الوطن الحبيب.
والله من وراء القصد،،