جهز «العصابة»
قرأت بالأمس إعلان بيع أرض في شارع الحج في مكة المكرمة. مساحة الأرض 100 متر، ويطلب صاحبها أربعة ملايين و100 ألف ريال. بغض النظر عن الـ 100 ألف ريال، تبلغ قيمة المتر 40 ألف ريال، في شارع أعتقد أنه عادي مقارنة بأي مدينة أخرى، لكن أسعار العقارات في مكة المكرمة ـــ بالذات ــــ بلغت حداً يدفع المواطن المسكين للهرب، خارج نطاق الحرم.
السبب الرئيس وراء تلك الأسعار الملتهبة التي انتشر نطاقها ليسيطر على المدينة المنورة أيضاً، هو التعويضات الحكومية التي أوصلت سعر المتر في بعض المواقع إلى 200 ألف ريال. شارك التجار في دفع هذه التعويضات للأعلى، من خلال "أعضاء الخبرة" الذين ينسحبون من لجان التثمين، بادعاء أن التعويضات منخفضة.
أحدهم رأى أن التعويضات يجب أن تكون ضعف تلك المقدرة حالياً من اللجان الوزارية أي 400 ألف ريال. يستمر هؤلاء في الضغط على المسؤولين من خلال البرقيات والمطالبات. لعل هذا وقت مناسب للنصح، بأن مثل هذه المطالبات التي أعاقت لسنين مشاريع التوسعات، قد يكون فيها قول لعلماء الدين.
التكسب من أراضي الحرمين الشريفين، يؤدي إلى حرمان المسلمين من زيارة بيت الله والتعبد فيه، وهو أمر لا بد أن يراجع المسلم نفسه قبل أن يفعله. أدى ارتفاع التعويضات إلى ارتفاع أسعار العقارات المجاورة، وارتفاع تكاليف الاستثمار فيها، وبالتالي إيجاراتها في المستقبل.
تدفع تلك الأسعار بالأراضي في المدينة كلها للارتفاع، وهذا يضر المواطن غير المقتدر، الذي يريد جوار بيت الله أو جوار رسوله، وقد كان الفقراء والمساكين يجدون ملاجئ ومساكن تضمهم، لن يكون الأمر كذلك في المستقبل. المقتدر فقط هو الذي يستطيع أن يعيش في غابة الأبراج تلك.
هل فكر أحد أن يحذو حذو الأوائل، الذين أوقفوا بيوتهم وبساتينهم على الحرمين الشريفين، ويحظى بأجر لا ينقطع؟
ومن باب "تجهيز العصابة قبل الفلقة"، قررت وزارة النقل أن تخفي معلومات مواقع محطات قطار الحرمين، حتى لا ترتفع أسعار العقارات. مؤلم أن تقع القطاعات والمشاريع الحكومية ضحية لهذه الحالة، حتى في مواقع بعيدة عن الحرم، هي لن تستطيع أن تحتفظ بالسر للأبد، فستنتشر الإشاعات، ويصبح عدد المحطات ألفا بدل 20 أو 30، و"كأنك يا بو زيد ما غزيت".