دعم الحليب
أذكر مقطعاً انتشر لرجل قبض عليه صيدلي متلبساً بسرقة حليب لطفله. كيف أنه وقع ضحية الإهانة والتهديد من قِبل الصيدلي الذي لم يهتم لحاجة أطفال الرجل، إنما استغل الفرصة لإيذاء نفسية الرجل ليضيف إلى العذاب الذي يواجهه وهو يقف أمام زوجته وأطفاله غير قادر على تلبية متطلباتهم. تعيش الأسر الصغيرة معاناة الدخل الذي لا يتناسب مع الالتزامات. تضاف إلى هذه المعاناة إشكالات كثيرة من أهمها أسعار المواد التي لا غنى لهم عنها، وأهمها ما يخص الأطفال.
ارتفعت أسعار حليب الأطفال بنسبة 300 إلى 400 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية. كنت ألاحظ الفرق في أسعار حليب البودرة العادي لكنني توقعت أن الحالة مختلفة بالنسبة لحليب الأطفال، الذي يعتبر أقرب للأدوية المهمة.
الأردأ من ذلك هو أن هناك شكاً في قيام المؤسسات والشركات المستوردة للحليب بمخالفة أنظمة المنافسة الشريفة، إذ إن نجاة بعض الموردين والمنتجين من العقاب في قضايا مشابهة دفع هؤلاء للاتفاق على تسعير الحليب بأسعار متصاعدة تتجاوز نسب ارتفاع التضخم بمراحل.
يُذكر كذلك أن اعتبار حليب الأطفال مادة غير تموينية من أسباب التراخي في التعامل مع عملية رفع الأسعار المبالغ فيها. الواقع أن حليب الأطفال مادة غذائية أساسية، وعلى جودته تعتمد نوعية نمو الطفل وسرعته. أمر يستدعي أن تتم معاملته بطريقة أكثر تشدداً من ناحية المواصفات والتسعير.
يغلب على العائلات الفقيرة كثرة عدد الأطفال. هذه الحقيقة لا يمكن تجاهلها في مجتمعنا، يضيف ذلك على الأسرة التزامات تدفعها لاستخدام نوعيات أقل ملاءمة للطفل كالحليب العادي الذي ينتشر في البقالات.
كل الأسباب التي ظهرت هنا وذكرها مجلس المنافسة في تقريره تستدعي اتخاذ إجراء أكبر من مجرد السيطرة على الأسعار، بل يجب أن تركز القرارات القادمة على منع حليب الأطفال متدني الجودة، ودعم أسعار حليب الأطفال باعتباره مكوناً غذائياً أساسياً.
استغربت لما قاله رئيس جمعية حماية المستهلك عندما ذكر أن الحليب عندنا أرخص من دول الجوار، وكأني به يدافع عن الشركات والمؤسسات بدل أن يدافع عن حقوق المستهلك، فهل مستوى الدخل لدينا هو مستوى الدخل نفسه في دول الجوار؟ وهل جودة الحليب المنتشر في صيدلياتنا بمستواها نفسه هناك؟