ثقافة التعاطف !!

كنت دائما أشعر بنوع من التوتر حينما أقدم واجب العزاء لمن فقد أحد أقربائة، ودائماً ما أفكر فيما يجب أن أقوله وفي الطريقة التي يجب أن أقولها. على سبيل المثال "أحسن الله عزاكم" أو "أسكنه الله فسيح جناته"، وما الى ذلك ولا أدري لماذا أشعر بنوع من التلعثم في هذة المواقف.

حينما ذهبت للدراسة في أسبانيا اتصلت علي مالكة المنزل الذي كنت أسكن فيه ودعتني للغداء في عطلة نهاية الاسبوع. ذهبت الى بيتها الريفي خارج مدينة مدريد وطرقت الباب ففتح زوجها الباب وعلى وجهه علامات الحزن. دخلت الى البيت فوجدت زوجته تبكي فسألتها ما ذا حصل ؟ ولماذا أنتي حزينة ؟ فقالت بأن كلبتهم ماتت البارحة ! بعدها تلعثمت وبدأت أفكر في مايجب أن أقولة باللغة الاسبانية ! علما بأنني لم أعزي أي أسباني من قبل ! ولم أعزي في انسان هناك فكيف سأعزي في حيوان ! وأنا لست جيدا في تقديم العزاء باللغة العربية فكيف لي أن أقدمة باللغة الأسبانية التي بالكاد تعلمتها!

فبدأت بالتأوه "أووووه ،، أوووه" ولأن حاجز اللغة لم يسعفني فوضعت يدي على رأسي كما لو كنت غارق في الحزن، ثم بعد دقيقة من التفكير العميق قلت وياليتني سكت بأنني "متأكد بأن الكلبة المسكينة في مكان أفضل من هذة الدنيا" بعدها نظروا الي ولسان حالهم يقول "سلامات" بعد هذا الموقف المحرج عرفت من بعض الأصدقاء الأسبان بأن أفضل أسلوب لتقديم العزاء هو التأسف !

فكان علي أن أقول "أنا اسف لوفاة كلبتكم" ! كما لو أنني ساهمت في وفاتها ! ومن المفارقات الثقافية، معظم الثفاقات واللغات الأخرى وبالأخص الغربية يعبرون عن حزنهم وتضامنهم مع أهل المتوفي من خلال التأسف. بطبيعة الحال، لم أجد بأن موقفي مع الأسرة الأسبانية محرج بعدما سمعت من أحد أصدقائي السعوديين بأنه قدم تعازيه وهو مرتبك لاحدى الأسر في الرياض بقوله "كل عام وأنتم بخير!!"

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي