رسالة الخطأ

Search is temporarily unavailable. If the problem persists, please contact the site administrator.


قصة رومانسية في حديقة القنصلية

[email protected]

ابتسامة نهر السين الهادئة وقت الغروب تحرضك على الكتابة عن الرومانسية وضجيج الصمت. حفل زفاف الزميلة هيفاء المنصور وبراد نيمن على أنغام العرضة الحساوية في حديقة القنصلية الأمريكية في الظهران الأسبوع الماضي يروي قصة رومانسية ليس فقط بين هيفاء وبراد، بل بين ثقافة حضارتين بجوانبها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. أهمية الاحترام المتبادل بين السعودية وأمريكا جعلت من البلدين أكثر الشركاء في العالم استمرارا للعلاقات الثنائية الإيجابية. اليوم أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى لتعزيز التعاون بين قوى المجتمع المدني بين الطرفين وتقوية العلاقة والتفاهم المتبادل على مستوى المنظمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
سياسياً، العلاقات السعودية الأمريكية هي أكثر العلاقات تقارباً وتعاوناً للتصدي للنظام الماركسي في موسكو وحلفائه ما ساعد على وقف مد الأيدلوجية الشيوعية في العالم. وحتى بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) والتي كانت صدمة لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية على حد سواء، فقد فندت السعودية وأمريكا الشكوك بهذه العلاقة القوية وأكدت اللجنة التي أعدت التقرير الخاص بهجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) أنه ليس هناك أي تورط للحكومة السعودية في هجمات أيلول (سبتمبر). كذلك صمدت العلاقة بين البلدين أمام الهجوم الشرس من بعض دوائر الإعلام الغربي وبعض الشخصيات التي سعت إلى التشكيك في هذه العلاقة بين الطرفين. لا شك أن هناك من لديه مصلحة واضحة في الصيد في الماء العكر بهدف ضرب التعاون بين البلدين.
أما اجتماعيا فقد أنهى أحد الوفود الأمريكية أخيرا زيارته للمملكة شملت عددا من الجامعات السعودية ومجلس الشورى. رأس الوفد زوجة سفير أمريكا السابق لدى المملكة السيدة آن جوردن والتي رافقها "12" طالبا وطالبة أمريكية. الزيارة كان لها دلالات إيجابية وهدفت إلى التعرف على السعودية عن قرب وتحسين الصورة بين البلدين. كذلك شارك سبعة عشر طالباً وطالبة سعوديين بصحبة الدكتورة آمال الهزاع مسؤولة البرامج النسائية في مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين في فعاليات "المعرض الدولي للعلوم والهندسة للعام 2007" في هيوستن. لعلنا نصفق وبحرارة للطالبة السعودية، شيماء أبوهلال، لاختيارها ضمن ستة وثلاثين طالب اوطالبة من أصل ألف ومائتين مشارك في المعرض فهي ستناقش وتطرح أسئلة ضمن جلسة لجنة مكونة من علماء بارزين على المستوى الدولي وحائزين على جائزة نوبل. نريد أن تتكرر هذه الزيارات لتكون العلاقة الثقافية أكثر عمقاً للوصول إلى منظومة اجتماعية قوية ذات أبعاد إنسانية قادرة على الرؤيا المعرفية والموضوعية عن كل من الثقافة الأمريكية والثقافة السعودية. نريد تكثيف مثل هذه اللقاءات الطلابية والاجتماعية لأنها عادة ما تكون مثمرة وتحقق التواصل بين الثقافتين.
اقتصادياً، يضم تاريخ المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية أكثر القصص نجاحاً. لقد فتحت السعودية المجال للشركات الأمريكية لتستثمر أموالها وقوتها في واحدة من أكثر الدول أهمية احتياطية للنفط. الشراكة السعودية الأمريكية الاقتصادية الناجحة تَجَلَتْ كواحدة من العناصر المهمة والحيوية في بناء العلاقات الثنائية بين البلدين على مستوى المشاريع التنموية. شهد البلدان تعاوناً اقتصاديا في مجال النفط، الكهرباء، المواصلات، الاتصالات، والتدريب. إلا أن هناك المزيد بل الكثير من المجالات الأخرى التي يمكن الاستثمار فيها أيضاً والتي سوف تسهم حتماً في تقوية الشراكة بين البلدين.
ثقافياًً، احتضنت جامعات الولايات المتحدة الأمريكية الطلاب والطالبات السعوديين وأمدتهم بالمعرفة في العلوم والاقتصاد والتقنية. بالمقابل مدت السعودية جسور الصداقة لتشكل الخيال المعرفي الأمريكي عن مفهوم العرب والإسلام، فتحدث الكتاب والمفكرون السعوديون في بوسطن وهيوستن ولوس أنجلوس عن أهمية التقارب بين البلدين. إن هذه الجسور لا بد وأنها ستزيل العديد من المواقف المسبقة والمواقف المغلوطة عن الطرفين. لقد أسهمت هيفاء المنصور - وهي أول مخرجة سينمائية سعودية ـ في نشر الثقافة السعودية فقدمت أفلاما وثائقية وسينمائية مثل "نساء بلا ظل" و"من؟"، و"الرحيل المر"، و"أنا والآخر" التي تعالج قضايا التعدد الفكري وقضية المرأة والإشكالات الثقافية والفكرية بأسلوب حضاري مميز. من المهم جداً أن نعزز علاقاتنا مع بقية دول العالم وبخاصة العلاقات الثقافية بين الشعوب، ولهذا ربما أنها لم تكن مصادفة أن يكون آخر لحن في حفل زفاف هيفاء وبراد "ما يحرمنيش مِنَكْ وما يبعدنيش عَنَكْ".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي