رضا شركة الكهرباء غاية لا تدرك
تتكون الاحتياجات الأساسية لأي شخص من الأكل والشرب والمسكن. وهذه الاحتياجات تتزايد درجة جودتها تبعا للتطورات التقنية والتكنولوجية. وهذا التزايد بدأ في تغيير الحاجة لأن تكون في توافر الاحتياج نفسه ليصبح في نوعية هذا الاحتياج. فنجد أن بعض الأشخاص لا يرغب في أكل أصناف معينة من الطعام بينما يفضل غيرها عليها. وآخرون لديهم مسكن متواضع ويرغبون فيما هو أفضل منه. وهذا طبيعي من الناحية النفسية للأشخاص، حيث إنها طبيعة بشرية دائما تبحث عن الأفضل. وفي حال وصول الشخص إليها فإنه يبحث عما هو أفضل من الأفضل الذي وصل إليه. وسنأخذ احتياج المسكن وتبيان كيفية تغيير الاحتياج من كونه فقط مسكنا ليصبح مسكنا باشتراطات.
نجد أن معظم الأشخاص ممن يبحثون عن مساكن لهم يبدأون في التساؤل عن الخدمات المتوافرة في منطقة هذا السكن. وقيمة المسكن السوقية تتأثر بوجود هذه الخدمات من عدمه. فتجد قيمة مسكن ذي خدمات متوافرة تزيد بنسبة ليست بالقليلة عن مسكن ذي خدمات غير متوافرة. وبهذا فإن المسكن أصبح ليس الغاية بل الخدمات.
ومن هذه الخدمات خدمة التيار الكهربائي. خدمة التيار الكهربائي أصبحت حاجة ملحة للأشخاص وذلك لاعتماد هذه الاحتياجات الأساسية "الأكل، الماء، المسكن" عليها لتحسين صورها. فنجد أن التيار الكهربائي يساعد في المحافظة على الاحتياجات الأساسية وبقائها بأفضل صورة لحين استخدامها. فالأكل يحفظ طازجا والماء يبقى باردا والمسكن يضاء ويبرد ويدفأ بفضل الكهرباء. إضافة إلى اعتماد بعض الأجهزة المهمة كالأجهزة الطبية في المستشفيات على التيار الكهربائي. وبهذا فإن الكهرباء أصبحت مرتبطة ارتباطا رئيسا بجميع الاحتياجات الأساسية للأشخاص.
في المملكة، المسؤول الرئيس عن تأمين التيار الكهربائي للمواطنين منذ عام 2000 ميلادية هو الشركة السعودية للكهرباء، التي تغذي جميع مناطق المملكة الحضارية والريفية المتقدمة منها. ومسمى شركة يوحي للفرد بأن هذه المنظمة هي منظمة ربحية تسعى إلى التقليل من التكاليف وتقديم الخدمة بجودة عالية لعملائها (المواطنين). وبهذا نجد فكرة خصخصة الخدمات العامة هي أحد الحلول لرفع جودة الخدمة المقدمة كما في الشركة السعودية للكهرباء.
إنه لمن الطبيعي أن يتوقع المواطن في حال خصخصة خدمة معينة أن ترتفع جودة تلك الخدمة. والهدف الرئيس من خصخصة الخدمات العامة هو حرص الحكومة على رفع مستوى جودة الخدمات المقدمة وزيادة فعالية الأداء الحكومي الذي ينعكس في الأخير على خدمة ورضا المواطن. وبهذا فإن المواطنين يتوقعون خدمة ذات جودة عالية من قبل الشركة السعودية للكهرباء وذلك بحكم الخصخصة.
والشركة السعودية للكهرباء مشكورة على حرصها لمعالجة المشكلات التي تحصل من وقت إلى آخر. ولكن انعدام الجودة بسبب انعدام الأصل وهي الخدمة معضلة كبيرة. فانقطاع التيار الكهربائي في الصيف أصبح أمرا محتما. فنجد أن الانقطاع في التيار الكهربائي يتجول كسائح من منطقة إلى أخرى ومن مدينة إلى غيرها. ولا نريد أن نطيل في ذكر المواقع والأماكن حول المملكة، ولكن لنأخذ مدينة الرياض كمثال لجولات هذا السائح. وقد يتأثر هذا الانقطاع بالحرارة الشديدة في الصيف في الأعوام الماضية، ولكن ماذا عن هذه السنة؟
نجد هذا السائح يتجول من حي إلى حي آخر داخل مدينة الرياض على فترات زمنية متفاوتة. فنجده يزور مناطق شرق الرياض ثم نجده في جنوب الرياض ثم يزور مناطق غرب الرياض، ولا نعلم كيفية تنقله وطريقتها وأسبابها. ولكن ما نعلمه هو أن تنقله يكون بسبب خلل ما يؤدي إلى "عطل فني في المولد الرئيس". قد يكون هذا الخلل فنيا أو مهنيا أو سلوكيا أو إداريا.
والخلل الفني والمهني والسلوكي يحتاج إلى أسلوب إداري فعال لمعالجته. هذا الأسلوب قد يكون تطويريا في الفني والمهني وقانونيا في السلوكي. كما أن هذا الأسلوب يحتاج إلى أن يكون ذا تنبؤ أكثر من كونه ذا حلول ذات خبرة مهنية تنتظر وقوع المشكلة لتقديم حلها لا لتفاديها. وكون أن هناك خللا في أكثر من مكان في منطقة واحدة وفترات متفاوتة فهذا يقودنا إلى أن هناك خللا إداريا في الشركة ذاتها.
إن من أهم أسس الإدارة هو أساس التخطيط. والتخطيط ينقسم إلى قسمين: تخطيط استراتيجي وتخطيط تنفيذي. لن نتطرق إلى التخطيط الاستراتيجي أكثر من كونه بعيد مدى، يرسم الاتجاه للمنظمة لترتيب برامجها. ولكن ماذا عن التخطيط التنفيذي؟ فالتخطيط التنفيذي خصوصا في منظمات القطاع الخاص يسعى إلى تقديم الخدمة والمحافظة على جودتها، الذي يحدده رضا أغلبية العملاء عن هذه الخدمة. وانقطاع التيار الكهربائي هو خطأ تنفيذي يؤثر في جودة الخدمة المقدمة، وهذا وارد ومقبول إداريا في حال عدم تكراره، الذي يسبب زيادة الفقد في الجودة. ولكن تكرار هذا الخطأ وعلى فترات متقاربة وفي منطقة أو بالأصح مدينة واحدة فهنا خلل إداري تنفيذي.
ومن أجل تفادي ذلك والمحافظة على جودة الخدمة، فإن المديرين التنفيذيين في الشركة السعودية للكهرباء يحتاجون إلى أن يعملوا تقييما لبعض النقاط المهمة في استراتيجيتهم التنفيذية. أولا: مراجعة الهدف التنفيذي للشركة كمنظمة تخدم مجتمعا مدنيا بأكمله. ثانيا: أن تتم مراجعة عمل إدارة المخاطر والجودة "إن وجدت". ثالثا: مراجعة كل خلل حصل في العام المنصرم وأوقات حدوثه لمحاولة تفاديه. رابعا: التأكيد على الصيانة الدورية وأوقاتها للتوافق مع فصول السنة التي قد تحتاج إلى إعادة نظر بسبب تكرار الانقطاع. خامسا: التركيز على الاختراعات والابتكارات لترشيد استخدام الكهرباء. وفي نهاية هذا، نستذكر أن الإنسان يطمح إلى الأفضل دائما، لا إلى ما دونه.