الأطباء الدراويش في عيون أبي الريش
يقول الدكتور أبو الريش في كتابه "هلاك الديرة في الطب المبني على التسعيرة" من باب الأطباء الدراويش في عيون أبي الريش "اعلم حماك الله من الهلاك وأطعم أبناءك وأحفادك السيملاك أن من الأطباء من يكتب الله على يديه الشفاء ومنهم من شابه الببغاء، وثالث جالب لعظم الداء ورابع وخامس وسادس وسابع...
فأما النوع الأول فعنه لا تتحول إن أصبح الجسم ناحل وصار المرض على مراحل فكن إليه أسرع من السهم في ممره والماء إلى مقره، فهو الصديق الحميم وصاحب الود الصميم، وقد اتفق على علمه الواصفون وشهد بفضله العارفون، يهوى خدمة الناس دون تحويلهم إلى الطب الخاص يبتغي في ذلك رب العباد والفوز بالجنة يوم المعاد.
أما النوع الذي كالببغاء فليس لديه علم أو شفاء، ديدنه مع الخيل يا شقراء ولا يفرق بين البيضاء والسمراء، وليس له فضائل ويتجنبه كل سائل، العمل محظور في مواطنه والكوفي شوب خير أماكنه. إهمال المرضى لديه سُنّة والنظام والانضباط في عرفه بدعة.
وثالثة الأثافي الجالب لعظم الداء ليس له وفاء، شديد على الضعفاء مهمل شؤون الأصدقاء، يريك المرض بحسرة وأعراضه يمنة ويسرة فتصبح بين هوائل الغمائم، لا يمطر إلا صواعق وسمائم، شوقه للمال شوق الروض الماحل إلى الغيث الهاطل، ولولا حصانة الأجل لخرجت أرواح المرضى بيديه على عجل. أضاع في التدريب طلابه وكثر في المحاكم طلابه.
ونوع رابع تراه يغدو ويروح ولكنه كالطير يمشي من الألم مذبوح، جاء من الخارج بالعلم والنعيم ولكن صعب عليه تغيير فكر قديم؟ اصطدم بالمدراء وحاربوه في السراء والضراء. أسمعهم خيرًا وأرادوا به شراً. قال لهم بعض الأشياء ليست صوابًا فسقوه المرارة شرابًا وما تخفي صدورهم أكبر، بارزوه بسيفهم ورموه بسهامهم وأناخوا عليه بكلكلهم فسكنت همتهم وإلى الضياع تسير أمتهم.
أما بعض الأطباء الأجانب فهم بسبعة أرواح كالأرانب، بعضهم في أرذل العمر قد كسر ظهرهم الدهر ترى من أفعالهم غريبها وتسمع من أحوالهم عجيبها. على وجوهم رُسم الحزن وزادت كروشهم في الوزن لو اطلعت عليهم لوليت منهم رعبًا، شاب غراب شبابهم، وصاح بجانب ليلهم هبت عليهم رياح النسيان وعصفت بهم عواصف الزمان. يقال إنه استقدمهم من سقطت هممهم وخربت ذممهم طمعًا في المال دون خوف من الكبير المتعال، فليحكم الله بيننا وبينهم.
* الدكتور أبي الريش هو مدير مستشفى ساق الغراب وهي مستشفى تجمع بين الطب المجاني والخاص وتهتم بالتدريب والأبحاث وتركز على خدعة عفوا خدمة المجتمع من أجل مستقبل مشرق "وأفلح إن صدق".