التعاملات الإلكترونية الحكومية.. الأطراف المستفيدة

تتحمل الهيئات الحكومية في أي دولة من الدول مسؤولية إدارة شؤون الأفراد والمُؤسسات في أراضيها، وتعمل على تقديم مُختلف الخدمات الأساسية لهم. ومن هذا المُنطلق، فإن على الفرد، وكذلك على المُؤسسات، التعامل مع هذه الهيئات في مُختلف القضايا التي ترتبط بهم وتخص نشاطاتهم، بما في ذلك: الأحوال الشخصية، وتراخيص العمل، والتعليم، والصحة، وغير ذلك. ومع تطور تقنيات المعلومات وظهور الإنترنت وبروز المواقع المُختلفة عليها، بدأت بعض الحكومات، ومُنذ التسعينيات من القرن الميلادي الماضي، بالعمل على تنفيذ بعض إجراءاتها إلكترونياً عبر مواقع خاصة يجري توفيرها على الإنترنت.
بين أوائل من نفذ التعاملات الإلكترونية الحكومية ولاية "أندرا بارديش Andhra Pardesh" الهندية، وولاية "أريزونا Arizona" الأمريكية. وقد حقق ذلك فوائد كبيرة لثلاثة أطراف: الأفراد والمُؤسسات من "مُتلقي الخدمات" الحكومية؛ و"الهيئات الحكومية" المعنية؛ و"شركات الاتصالات وتقنية المعلومات" التي تُقدم البنية المطلوبة والوسائل اللازمة لذلك. فقد تمكن الأفراد وتمكنت المُؤسسات من الحصول على الخدمات الحكومية بسرعة وكفاءة أدت إلى تقليص التكاليف وتوفير الزمن. كما استطاعت الهيئات الحكومية تقديم خدماتها بكفاءة وجودة أعلى. وحصلت شركات تقنيات المعلومات على أعمال فعّلت نشاطاتها وخدماتها.
مع تطور التعاملات الإلكترونية الحكومية وتوسع وسائلها، أطلق كثيرون اسم "الحكومة الإلكترونية E-Government" على هذه التعاملات. واستجابت المملكة لهذه الوسائل الجديدة، وبرز برنامج التعاملات الحكومية الإلكترونية الذي حمل اسم "يسّر" كناية عن تيسير التعاملات الحكومية على الأفراد والمُؤسسات، وذلك في إطار وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات. وراحت الوزارات المُختلفة الأخرى تُقدم خدمات مُتعددة عبر مواقع حكومية خاصة على الإنترنت، بالتعاون مع هذا البرنامج.
إن نجاح التعاملات الإلكترونية الحكومية يرتبط بالأطراف الثلاثة ذات العلاقة، كما طرحنا فيما سبق: الإدارات الحكومية التي توفر مواقع التعاملات الإلكترونية، ومستخدمو هذه التعاملات من أفراد ومُؤسسات، وشركات تقنيات المعلومات التي توفر البنية الأساسية اللازمة لتمكين التعاملات المطلوبة. وتسعى المُنظمات الدولية إلى تشجيع التعاملات الإلكترونية الحكومية في الدول المُختلفة كي تعمل هذه الدول بكفاءة أعلى، وتُسهم في تفعيل إمكانات العالم ونمو مُعطياته.
وفي إطار تفاعل المملكة مع ما يجري من تطور في التعاملات الحكومية الإلكترونية على مستوى العالم، أقام برنامج "يسّر" ورشة عمل بعنوان "تقرير الأمم المُتحدة حول جاهزية الحكومة الإلكترونية". وكان "ريتشارد كيربي Richard Kerby" خبير الحكومة الإلكترونية في الأمم المُتحدة هو المُتحدث الرئيسي في هذه الورشة. وكانت غاية الورشة تقييم مستوى الجاهزية للحكومة الإلكترونية في المملكة من أجل تحديد توجهات التطوير المستقبلية.
عرض خبير الأمم المُتحدة ثلاثة عوامل رئيسة لتقييم الحكومة الإلكترونية: البنية الأساسية للاتصالات وتقنية المعلومات؛ والمستوى الثقافي والتعليمي للأفراد؛ إضافة إلى الخدمات المُقدمة إلكترونيا عبر المواقع الحكومية على الإنترنت. ويُلاحظ، كما هو مُتوقع، أن هذه العوامل تتوافق مع أطراف التعاملات الحكومية الإلكترونية المطروحة أعلاه. فالبنية الأساسية ترتبط "بشركات الاتصالات وتقنية المعلومات"، والمستوى الثقافي والتعليمي يرتبط "بمُتلقّي الخدمات"، والخدمات المُقدمة ترتبط "بالهيئات الحكومية المعنية". ويدل هذا الأمر على أن التقييم الذي تعتمده الأمم المُتحدة يأخذ معطيات ومُتطلبات جميع الأطراف المعنية في الحسبان.
عاملا التقييم الأول والثاني يُؤسسان للعامل الثالث، فالأول يُعطي البنية التقنية الأساسية، والثاني يهتم بالمستخدم المُؤهل، ثُم يأتي الثالث ليبني عليهما ويُركّز على الخدمات الحكومية الإلكترونية. وعلى هذا الأساس، فإن تطوير التعاملات الحكومية الإلكترونية يحتاج إلى أخذ هذه المحاور الثلاثة، بشكل مُتكامل، في الحسبان. ولنا عودة إلى تفاصيل الموضوع، وما يرتبط به من عناصر تفصيلية مهمة، في مقالات قادمة بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي