شركة التعليم القابضة
<img title="" height="21" alt="" src="/picarchive/020.jpg" width="158">
مساء الإثنين الماضي وعلى غير العادة اغتسلنا بماء السماء جاء المطر ركاميا بارداً على الأرض .. جاء المطر بعد ما انتظرناه بشوق ليبلل أجسادنا العطشى وأرضنا الرسوبية .. خطر في البال ابن زيدون المخزومي الأندلسي الذي عاش في أواخر القرن الرابع ومنتصف القرن الخامس الهجري لا أدري ما الذي ذكرني (نونية) ابن زيدون؟ هل هو المطر أم (هبايب) نجد الباردة أم هي حالة الظمأ؟ قال ابن زيدون:
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا
لكن الذي بلل جوانحنا وأسقى دواخلنا ورطب الشفاه والوجوه هو ما أعلنه الملك عبد الله بموافقته على تأسيس شركة تطوير التعليم القابضة وأعلنت مع زخات المطر وهي تغسل البيوت والمدارس وإدارات التعليم جاءت الموافقة الكريمة لتؤرخ وتؤسس عصراً جديداً للتعليم قد لا نجني حصاده قريباً وقد لا يرى وزير التربية والتعليم الدكتور عبد الله العبيد ونائبه سمو الأمير خالد المشاري آل سعود والنائب الدكتور سعيد المليص هذا الحصاد قد يكونون على مقاعد أخرى غير التعليم لأن هذا المشروع هو مشروع دولة ومستقبلي وليس مشروع أشخاص ينتهي المشروع بمغادرة المسؤول باب الوزارة .. الأمير خالد بن عبد الله المشاري هو مهندس معمار هذه الشركة التي ستتولى الجوانب المساندة والخدمية والإنشائية في التعليم من امتلاك وتشغيل وصيانة المشاريع وملكية وتطوير وتشييد واستخدام وصيانة وبيع وشراء وتأجير واستئجار الأصول المادية والمعنوية والتي من المتوقع أن تطرح أسهمها للاكتتاب العام برأسمال للشركة يقدر بــ 100 مليون ريال مقسمة إلى عشرة ملايين سهم. لذا سيدخل الأمير خالد في (محك) صعب ومركب وهو نقل التعليم من الرتابة والتقليدية إلى تعليم نوعي وأيضاً نقلة من ثقافة التعليم النمطي إلى ثقافة التعليم المؤسسي والشراكة ما بين مقدم الخدمة والمتلقي والمستفيد من الخدمة.
هذا مفصل تاريخي في التعليم الذي كان يتغذى على ميزانيات الدولة دون أن يكون له دور في استثمار المعرفة وجعل التعليم سلعة استراتيجية حيوية عبر أنظمة المؤسسات والشركات حيث
يكون المستفيد من الخدمة (المواطن) هو الفاعل النشط في هذه الخدمة.
من أجل إنجاح هذا المشروع الوطني الكبير علينا أن نكون مثل يوم إعلانه مبللين بالمطر والأمل ورائحة السحاب التي تتعطر بالأوطان فهذا المشروع ولد من رحم المعاناة الطويلة التي عاشتها وزارة التربية والتعليم من أعباء رواتب المعلمين الذين بلغوا نصف مليون معلم ومعلمة، وأكثر من 60 في المائة من مباني الوزارة المدرسية مبان مستأجرة وشد الحزام الذي مرت به الدولة بسبب حروب الجوار (العرق ــ إيران ــ الكويت) وتقلبات عائدات النفط ما جعل وزارة مثل وزارة التربية والتعليم, كما يقال, الجمل الذي يأكل من (سنامه) لتولد فكرة مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم الذي بشر بمولود كامل النمو والعافية وهي شركة تطوير التعليم القابضة، فكل طالب ومعلم وولي أمر طالب شريك في النجاح من خلال تهيئته النفسية والذهنية لهذه الثقافة الجديدة واندماجه ودخوله إلى عالم التعليم المؤسسي والشراكة المتبادلة.