رجل كأمة
<a href="[email protected]">[email protected]</a>
إن من الرجال من يعدل أمة في عمله ونفعه وامتداد خيره ويرتفع ذكره ويباهى بفعله متى وجدت البيئة التي تسعى إلى زرع الثقة وحسن التربية وغرس معاني الرجولة والإيمان الصادق والتعامل بحكمة وعقلانية مع تغيرات الحياة وعدم الانسياق وراء المتع والملذات الشهوانية التي انتشرت بوسائل مختلفة وعجبا لمن يرجو صلاحا وهو يوفر أسباب الإفساد. إن الرجل الواحد قد ينقذ الموقف بمفرده بما حباه الله من الخصائص الإيمانية والمواقف الرجولية التي ربما عملها بمفرده، وفي القرآن الكريم وصف إبراهيم عليه السلام بأنه أمة وهو رجل وفي قصة موسى حين قتل القبطي، تجد قول الله تعالى: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى) وفي سورة يس في قصة أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون تجد قوله تعالى: (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى).
وفي سياق هاتين القصتين تجد أن النص يبرز كلمة (رجل) وهي تعني شخصا مفردا، فهو رجل واحد ينقذ الموقف بخصائصه الذاتية والإيمانية، ولا يستوحش من غربته بين أهله أو تفرده في طبقته، فيحيط موسى علما بالمؤامرة الدنيئة التي يحكيها القصر الفرعوني للقضاء عليه وعلى دعوته، ويقترح عليه الحل، وهو الخروج من قريته والفرار بنفسه، وفي قصة (يس) يعلن أمام الملأ نصرة المرسلين ويدعو إلى اتباعهم متحديا بذلك رؤوس الضلالة صارخا به في وجه الجمهور التابع.
ورغم أهمية العمل الجماعي والعمل المؤسسي وأهمية التعاون على البر والتقوى، والتناوب في أداء فروض من الكفايات، إلا أن الواقع كثيرا ما يفتقر إلى الفردية خاصة في مثل فترات الضياع التي تمر بها الأمم وتوشك أن تأتي على وجودها وتميزها، حيث لا يبقى ثم جهة مسؤولة بعينها على اكتشاف المواهب أو عن تحديد الأدوار، وهذا هو الحال الذي يعيشه المسلمون الآن في كثير من بلادهم، هنا تبرز الحاجة إلى تكثيف المبادرات الفردية التي لا بد أن تسد بعض النقص، وأن تتلاقى يوما ما على خطة راشدة يكون فيها للمسلمين فرج ومخرج.
ليس هذا تقليلا من أهمية تضافر الجهود وتكاتفها، ولا تهوينا من شأن المبادرات الجماعية التي آتت وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ولكن يجب ألا نقلل من نجاحات الأفراد وإلى الملتقى.