"اللي يغاب عن عنزه تجيب تيس"

<a href="mailto:[email protected]">al-yousef99@hotmail.com</a>

يُضرب هذا المثل في السابق عندما كان الناس يرسلون أغنامهم مع الراعي فكان بعض الرعاة وهم قلة طبعا يقولون لصاحب العنز التي تلد ولا يحضر لاستقبالها عند باب البلد أن عنزه ولدت تيسا. رغم أنها ولدت نعجة. حيث إن النعجة أغلى عند الناس من التيس، لكن الراعي لا يستطيع أن يقول ذلك لمن يحضر لاستقبال عنزته. وهذا المثل سقته لأقول إن من "يغاب" عن حاجته أيا كانت فعليه ألا يرتجي لها أن تأتي كما يريد. وللأسف أن هذا المثل ينطبق تماما على المعاملات في معظم الإدارات الحكومية والأهلية، فقليل جدا أن يحصل صاحب المعاملة على مبتغاه من خلال المكاتبات الرسمية التي تُرسل وتعود رسميا، فدائما ما تعود تلك المعاملة بداعي النقص رغم اكتمالها أو بداعي عدم نظاميتها رغم أنها مطابقة للنظام، ولكن الروتين وحب التعقيد والتلذذ لدى البعض بعرقلة مصالح الناس كل هذا يؤدي إلى أن تذهب وتعود معاملة صغيرة لا تحتاج إلا إلى مصادقة الرئيس الأعلى وتظل تدور بين المكاتب وكل موظف يُبدي فيها وجهة نظره رغم أنها لا تحتاج إلى كل هذا "اللت والعجن" والدليل على ذلك أنه بمجرد أن يذهب صاحب المعاملة ويراجع الدائرة يحصل عليها في دقائق، وهذه معضلة كبيرة تواجه كل صاحب معاملة فإذا لم يتابعها بنفسه أو يوصّي عليها من يتابعها قل أن تنتهي في وقت معقول "أو تنتهي أصلا" فمعظم معاملاتنا للأسف تتحول إلى تيوس والسبب أن صاحبها غائب وكأن مكاتباتنا تحولت إلى ماعز إذا لم تتابعها وتجري وراءها فإن النتيجة في النهاية سيقول لك الراعي أقصد الموظف إنها ناقصة أو لا بد من عمل كذا وكذا أي أن معاملتك "ولدت" تيسا. لذلك على كل من يريد لمعاملته أن تكون نعجة عليه ألا "يغاب" عنها بل عليه أن يجري وراءها وأن يحضر عند عودة الراعي. من خلال مسيرتي الوظيفية الرسمية والتطوعية رأيت العجب وقليل جدا عودة معاملة لأي كان رسميا وهي منتهية وقد أنجبت نعجة فمعظمها للأسف تنجب تيوسا مما اضطرنا أن نطلب من أصحاب تلك المعاملات أن يتابعوها بالرقم والتاريخ، لأن عدم الجري والمتابعة قد تسبب في فقدان الكثير من الناس حقوقهم أو لتأخرها أوقاتا طويلة مما جعل التيوس تتكاثر في معاملات المواطنين.
ولكي تضمن إنجاب النعجة إضافة إلى المتابعة والجري عليك أيضا طلب الفزعة والشفاعة والواسطة من كل من تعرف. سأروي لكم قصة في هذا المجال.
أحد الزملاء وصل إلى سن التقاعد ببلوغ الستين سنة ورفع جميع الأوراق المطلوبة حسب التعميم الذي وصل إلى المدرسة التي يعمل فيها, وصلت الأوراق لشؤون الموظفين في إدارة التعليم وانتهت السنة الدراسية وظل ينتظر أن يصل راتبه التقاعدي إلى البنك وراجع البنك ولكن لم يصل شيء فاستغرب فذهب بعد أن مضت أربعة أشهر على رفع الأوراق للإدارة، ذهب للإدارة فوجد المفاجأة أن أوراقه لا تزال عندهم فلما سألهم لماذا لم ترفعوها فقالوا له "لم تكتب طلب تقاعد"، فقال ولكنني متقاعد نظاما، قالوا له ولكن لا بد أن تكتب طلبا وإلا لن نرفع أوراقك. فقال لهم، ولماذا لم تتصلوا عليّ في المدرسة عندما وصلتكم الأوراق، قالوا له الحاجة لك. فلما رأى الأمر كذلك كتب رغما عنه طلب تقاعد رغم أن الستين سنة تفرض عليه التقاعد دون طلب.
فماذا لو أن صاحبنا لم يذهب ويراجع الإدارة لكان حتى الآن دون عمل ودون راتب تقاعدي. قصة صاحبنا جرس إنذار لكل صاحب معاملة ألا يعتمد فقط على اكتمال أوراقه ورفعها رسميا، فالأمور لا تزال تحتاج إلى مراجعة ومتابعة وجري وإلا ترى "مالك إلا تيس".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي