السياحة بنظام المشاركة بالوقت وسيلة لترويج السياحة وتشجيعها في السعودية
لقد انتشر في الآونة الأخيرة نشاط بيع الوحدات العقارية في المنتجعات السياحية والفنادق على أساس نظام المشاركة بالوقت, وهو النظام المعروف باسم "التايم شير" Time Share, الذي ظهر منذ ما يقارب 40 عاماً في أوروبا, خاصة في فرنسا منذ عام 1963, ثم انتشر في أكثر من 80 دولة, ونشأت عدة منظمات عالمية خاصة تضم في عضويتها قرى ومنتجعات ومنشآت سياحية وفندقية, وبعض السياح والمصطافين مثل منظمة RCI.
ونظراً لأهمية هذا النظام في تسويق السياحة الدولية وتسهيل انتقال السياح بين مختلف دول العالم, وللدور الفاعل الذي يمكن أن يسهم في اجتذاب السياحة في السعودية, حيث توجد بالفعل بعض المؤسسات والوكالات التي تمارسه, يلزم أن نوضح مفهومه وميزاته ومدى الحاجة إلى تنظيمه من الناحية القانونية حتى يتسق مع التنظيم المعمول به في دول العالم.
فيقصد به أن يشتري شخص ما حق الانتفاع بإحدى الوحدات في منتجع سياحي يختاره لمدة زمنية محددة كأسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع في السنة, بحيث يُصبح من حقه الإقامة المجانية والانتفاع بالوحدة خلال المدة الزمنية التي اشتراها, كما يكون من حقه أن يهدي أحد أقربائه أو أصدقائه حق الانتفاع بها, ويكون لورثته حق إرثها, وله ولهم حق بيعها للغير. بل يحق له ولهم تبادل هذه الحصة مع حصة أخرى في المنتجعات السياحية التابعة للمنظمة العالمية التي يحمل عضويتها. وبذلك يحق له بالتنسيق مع إدارة هذه المنظمة أن يقضي إجازته في أماكن متعددة ومتنوعة من العالم طبقاً للأماكن والمنتجعات السياحية التابعة للمنظمة العالمية للسياحة التي أصبح عضواً فيها. فنظام "التايم شير" عبارة عن تملك شخص (السائح) حصة زمنية مشاعة في عقار في أحد المنتجعات السياحية في دولة معينة, بحيث يكون له حق الانتفاع بهذه الوحدة للفترة الزمنية التي اشتراها (أسبوع أو أسبوعين أو أكثر سنوياً) , ثم يدفع قيمة هذه الحصة مرة واحدة مدى الحياة أو لمدة محددة (عدة سنوات).
ومن أهم الميزات التي يحققها هذا النظام: أنه يتوافق مع الإمكانات البسيطة والمتواضعة, حيث إن هناك شريحة من الناس تكون لديهم الرغبة في السياحة وفي امتلاك وحدة سكنية يقضون فيها عطلاتهم ولكن إمكاناتهم المادية تقف عقبة في سبيل تحقيق هذه الرغبة.
أنه يُخفض تكلفة الصيانة والاستعمال خلال العام, حيث يتم تقسيمها على عدد كبير من المنتفعين بالوحدة السكنية, وبذلك يتجنب تحمل تكاليف الصيانة خلال المدة التي لا يستعمل فيها الوحدة السكنية. أما في الحالة التي يتملك فيها شخص واحد هذه الوحدة فإنه يتحمل كل تكاليف الصيانة على الرغم من أن استعماله لها يقتصر على أسبوع أو أسابيع معدودة خلال السنة.
أن هذا النشاط يُسهل حركة السياحة العالمية, ويعطي للسائح حرية كبيرة في اختيار أماكن متعددة لقضاء فترة إجازته, حيث لا يتكلف في كل عام سوى نفقات السفر والانتقال والإعاشة فقط.
أن هذا النشاط يجنب السائح احتمالات ارتفاع أسعار العقارات ومن ثم ارتفاع قيمة الإيجارات.
أنه يُسهم بشكل فاعل في تنمية القطاعات الخدمية المرتبطة بالقطاع السياحي, مما يفتح مجالات متعددة لتوفير فرص عمل للشباب في مختلف التخصصات الإدارية والمالية والفنية والمحاسبية.
أنه يُسهم في تخفيض نفقات الإقامة أثناء العطلات, خاصة خلال المواسم مما يُشجع على السياحة, فضلاً عن أنه يوفر للسائح (المنتفع بالوحدة) مسكناً ملائماً تم اختياره مسبقاً بناء على رغبته.
أن هذا النظام يجنب السائح الكثير من المشقة وضياع الوقت في البحث كل عام عن مكان ملائم لإقامته وإقامة أسرته, ولاسيما في أثناء مواسم العطلات التي تتصف بشدة الازدحام وارتفاع الأسعار.
أنه يسمح للسائح بأن يستثمر في سكن سياحي لقضاء العطلات طوال حياته بأسعار اليوم من خلال التأجير على الغير.
أنه يوفر للسائح المرونة في اختيار الوقت الملائم لقضاء إجازته, حيث يفضل بعض السياح قضاء إجازته في فصل الصيف, على حين يفضل الآخرون قضاءها في فصل الشتاء أو في الربيع.
يوفر هذا النظام للمنتفع به ( السائح) حرية اختيار طريقة الاستفادة بالوحدة السكنية خلال المدة الزمنية التي اشتراها بما يتوافق مع وضعه الاجتماعي وظروفه الشخصية, بحيث يكون له حق استخدامها بنفسه أو إهدائها للغير أو تأجيرها أو بيعها وتوريثها لورثته؛ بل يكون له حق تبادلها من خلال شركات تبادل تتولى عمليات التنسيق بين المنتفعين مسبقاً, وذلك شريطة أن يكون المنتفع (السائح) مشتركاً في إحدى شركات التبادل العالمية, وبذلك يسهل له قضاء إجازته في أية دولة من بين 80 دولة عضو في هذه الشركات أو في أكثر من ثلاثة آلاف فندق ومنتجع عالمي. مما يجنب المنتفع عملية العودة إلى الوحدة السكنية نفسها لقضاء إجازته فيها.
كما أن هذا النظام طبقاً لقواعد السلوك التي وضعتها المنظمات المهتمة به والممارسة له, يتفق مع مبادئ منظمات حماية حقوق المستهلك.
ولكن تبرز تساؤلات تتعلق بمدى اتفاق أحكام هذا النظام مع الشريعة الإسلامية من ناحية, وكيف يمكن تنظيمه قانونياً لحماية حقوق السياح ولتشجيع السياحة وتنشيطها من ناحية أخرى.
هذا ما سنتناوله في مقالة لاحقة إن شاء الله.