إعلانات الشركات بين الهيئة والتطبيق
<a href="mailto:[email protected]">albadr@albadr.ws</a>
كنت قد كتبت في هذه الزاوية بتاريخ 28 تموز (يوليو) 2005م، 21 جمادى الثانية 1426 هـ مقالا تحت عنوان " أخبار تداول.. غموض في زمن الشفافية" وكان الطرح يناقش إشكالية إعلانات الشركات في سوق الأسهم والآثار السلبية التي تسببها ضبابية وعدم وضوح تلك الإعلانات. وشددنا في نهاية ذلك الطرح على الدور التي يجب أن تلعبه هيئة سوق المال في هذا الجانب لتأكيد دورها في إضفاء الشفافية ونشر العدالة في سوق الأسهم السعودية.
واليوم ونحن نرى إقرار مجلس هيئة سوق المال لتعليمات تلزم الشركات بإتباع أساليب معينة ومحددة فيما يخض نشر الإعلانات المختلفة عن الشركات. وهذا القرار بلا شك هو إضافة نوعية إلى العدالة ورفع لمستوى الشفافية لجميع المستثمرين في سوق الأسهم. ولا غرو أن يصدر مثل القرار في ظل التباين الكبير الذي تشهده السوق بين إعلانات الشركات المختلفة وإعلانات الشركة الواحدة من ناحية المضمون الاستثماري والمالي الذي تشير إليه الأرقام المنشورة في نهاية كل مرحلة مالية والاختلاف الكبير في طرق العرض المتبعة في نشر الأخبار المختلفة.
تمثل العدالة مربط الفرس عند الحديث عن إعلانات تمثل العمود الفقري لجميع الأسواق المالية حول العالم وتمثل ثقلا مهما في تداولات أسواق الأسهم على وجه الخصوص. ولا أبالغ أن قلت إنها تبني نسبة كبيرة من انخفاض وارتفاع أسعار الأسهم اليومية، والتي إن لم تكن الأخبار بذاتها تؤثر، فإن طريقة تفسيرها وتحليلها أو تحويرها من قبل الغير هو تأثير من نوع آخر أو لنسميه التأثير الأكثر سلبية. هذا ونحن نضع في عين الاعتبار النقص الكبير للثقافة الاستثمارية في سوق الأسهم لكثير من صغار المستثمرين. وهنا نشدد على نوعين من الإعلانات, وهي الإعلانات التقليدية للشركات هي نتائجها المالية التي تنشر أربع مرات في السنة مما يعني أننا نواجه بما يقارب 320 إعلانا ينشر على شاشة تداول بشكل دوري ثابت. ناهيك عن الكم الكبير من الإعلانات فيما يخص توسعات الشركات أو أي إعلان يمس موقع الشركات المالي والاستثماري واضعين في الحسبان الزيادة المطردة والمتوقعة لعدد الشركات في السوق السعودية. وكما ذكرنا أن هذه الأخبار تشكل أهمية كبيرة لدى المستثمرين والمضاربين على حد سواء، لما يمثله الخبر من أهمية على المستويين التحليلي والتخطيطي للمستثمرين.
الشفافية هو الأمر الآخر الذي قد يعالجه هذا القرار ونقصد هنا مواعيد إصدار تلك الإعلانات خصوصا فيما يتعلق بزيادة رأس المال أو إعلانات الأرباح، أي أن تكون هناك ضوابط زمنية محددة لوصول نتائج اجتماعات مجالس إدارة الشركات إلى هيئة سوق المال ومن ثم إلى جميع المتداولين. بحيث يقطع الطريق (قدر المستطاع) على تسريبات نتائج الاجتماعات وأرقام الأرباح الربعية أو السنوية للشركات قبل وصولها إلى جميع المستثمرين في الوقت نفسه، بمعنى أن تكون هناك إجراءات مشددة في حالة تسرب الأخبار إلى بعض المتنفذين في السوق فيكون لديهم معلومات أكثر في وقت أقصر مما يفتح الباب أمام الإشاعات والتلاعب بأسعار أسهم معينة قبل صدور الخبر بشكل رسمي. وهذا بلا شك يتنافى مع أبسط مبادئ الشفافية التي تسعى هيئة السوق المالية إلى تطبيقها كهدف أساسي من أهداف وجودها.
إن حاجة السوق اليوم إلى مستويات أعلى من الشفافية والعدالة أصبح الخيار الوحيد نحو الوصول إلى سوق احترافية يكون للتحليل بجميع أطيافه اليد الطولى في بناء التداولات داخل أكبر سوق في المنطقة مما يعكس تداولات يومية صحية وعادلة لجميع المتعاملين في سوق الأسهم ويقلل بشكل كبير من الآثار السلبية التي يتركها التداول العشوائي على جميع المستويات.