تطلعاتنا إيجابية في منطقة مكة .. بكل همومنا ومشكلاتنا

[email protected]

سألني والدي، فور صدور قرار تعيين الأمير خالد الفيصل، ماذا ستكتب في مقالك الأسبوعي؟ أجبته على الفور عن خالد الفيصل، وسوف أكون واقعياً ومنطقياً مبتعداً عن التضخيم والتهويل، فمنطقة مكة المكرمة تظل شرف ومسؤولية عظيمة لمن يحكمها، وهي من أكبر المناطق السعودية، تاريخاً وتراثاً.
وأميرنا خالد الفيصل، شاعر ومثقف، صاحب فكر إداري ناجح، وقيادتنا لها نظرة حكيمة في اختياره، ولا يحتاج (أبو بندر) أن ننمق له كلمات الترحيب، أو نصفه بعمر بن عبد العزيز، فيكفيه من الدنيا فخراً، أنه ابن ملك عظيم، دانت له الدنيا وتركها شهيداً، وخُلد اسمه في صحائف التاريخ الإسلامي.
ومقالتي ليست قائمة مطالبات، بل هي تطلعات، واعتذر مقدماً إن تجاوزت حدود المحكوم لدى الحاكم، ففي هذا المقال أريد أن أعبر باسم شباب منطقة مكة المكرمة تجاه المفكر العربي وحامل رسالة مؤسسة الملك فيصل الخيرية ! فقد سبقني الزملاء والأصدقاء الكتاب في تقديم كل شيء إليكم، منذ اليوم الأول لصدور قرار تعيينكم أميراً لمنطقة مكة، وأهل منطقة مكة يعرفونك، ويعرفون شخصيتك الشامخة والمترفعة عن طلب آيات الولاء، ومقالات الطاعة.
وأؤكد جازماً قول أستاذنا الكبير هاشم عبده هاشم في مقاله في جريدة "الوطن" السبت الماضي أن أهل مكة يعرفون إدارتكم للحكم المحلي، التي تكون ما بين الشدة تارة والمتابع الدقيق تارة أخرى، ويعرفون عنكم التواصل، والإشراف والمتابعة والإحاطة بكل صغيرة وكبيرة، ويعرفون كيف يترجم خالد الفيصل خططه وبرامجه ومشاريعه إلى إنجازات، ويعرفون كيف يتجاوز أميرهم العقبات بإعطاء البدائل والتصورات والمقترحات والأفكار الخلاقة باستمرار.
ولكن من الصعب القبول باجتهادات الزملاء الكرام وتعليقاتهم حول دور أميرنا القادم (وإسقاط دور المواطنين)، ومطالبتهم بأن نكون بطموح الأمير خالد الفيصل نفسه، وأقول لسيدي الكريم إن أهالي منطقة مكة لن يقلوا عنك حبا ووفاء للمدينة المقدسة، وسوف يعملون بروح المبادرة نفسها، وبالأفق البعيد نفسه، وبالعزيمة والتصميم نفسيهما، امتثالاً لسيرة آبائنا مع الفقيد الشهيد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود ـ رحمه الله تعالى، الذي جعل من الحجاز آية المدائن!
إن منطقة مكة المكرمة، واحدة من أكبر المناطق السعودية، والسلبية الوحيدة فيها هي الخدمات العامة، لذلك فإن المحك في إدارتك لشؤون المنطقة ومشكلاتها هي "الإدارة الناجحة" فقط، وربما تحتاج إلى معركة كبرى في الحصول على مخصصات إضافية من الميزانية العامة للدولة.
أما إيجابياتها، فهم أهلها ذوو التنوع الفكري، والقطاع الخاص وبيوتها التجارية والصناعية وأبناؤها أصحاب التجربة الثرية والمتراكمة، قلما تتوافر في أي منطقة أخرى! لذلك سوف ترى تفاعل الغرف التجارية والصناعية في المنطقة بأن تكون عقلك المفكر، والقطاع الخاص هو ذراعك التنفيذي، ولعل تجربة سلفك الأمير الراحل عبد المجيد بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ أكبر دليل وبرهان، فقد كان أهل المنطقة وراءه خطوة بخطوة، داعمين له ومقدمين المشورة، ودليل على ذلك تشكيلة مجلس المنطقة، فـ 75 في المائة من أعضائها، رجال أعمال وأصحاب فكر في المسؤولية الاجتماعية.
واستسمح سموكم الكريم أن أطرح ستة تطلعات طرحت من قبل في مجلس المنطقة ونوقشت كذلك في غرفها التجارية والصناعية، ولكنها ظلت تدور في حلقة مفرغة، وتبحث عمن يخرجها من البحث والدراسة إلى التفعيل والعمل، وهي كالتالي:
أولا: عودة الخصوصية الدينية والتاريخية لهذه المنطقة، فأنت الذراع الأيمن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في شؤون الحرم المكي، ومطلبنا حماية الآثار التاريخية والعمرانية للعاصمة المقدسة، التي فقدنا منها الكثير بكل أسف، واندثر الكثير منها ولم يستفد حتى من المتبقي منها.
ثانيا: عودة مكتبة الحرم إلى مكانها الحقيقي، والى سابق عهدها وعلى أحدث طراز، ليستعيد الحرم المكي الشريف مكانته المرموقة في رعاية العلوم الإسلامية والشرعية، ويكون مهوى أفئدة طلاب العلم الذين نهلوا من معينها الذي لا ينضب.
ثالثاً: عودة ميناء القنفذة، التي كانت تحظى باهتمام المؤسس الملك عبد العزيز, رحمه الله تعالى، وميناء القنفذة قبل 50 عاماً كان يستقبل يومياً السفن القادمة من جنوب الجزيرة العربية والقرن الإفريقي والخليج العربي وبعض بلاد الهند ومصر وغيرها، محملة بالبضائع وصنوف التجارة المتعددة التي كانت تمثل المظهر الاقتصادي والحضاري لسكان هذه المحافظة.
رابعاً: عودة الطائف إلى سابق عهدها، لأنها البوابة الشرقية للحرمين الشريفين، ومصيف المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ويتبعها نحو ألفي قرية وهجر، ولها أربعة طرق برية اثنان إلى مكة وواحد إلى الرياض وواحد إلى الباحة ومنفذ جوي، وتحتاج إلى أن توضع في أوليات خطط هيئة التطوير لمنطقة مكة المكرمة.
خامساً: تفعيل الإمارة الإلكترونية للتواصل مع جيل المستقبل، حيث نجحت إمارة مكة في تنفيذ المرحلة الأولي، وباقي ثلاث مراحل وقد توقف هذا العمل المميز بسبب قلة الاعتمادات المالية، والمرحلة الأولى تعاني من تداخل المسؤوليات وضعف التنسيق الإلكتروني مع المحافظات.
سادساً: تفعيل متطلبات السياحة الدينية في المنطقة، ودعم مهرجان السياحة الداخلية (جدة غير) وإزالة المعوقات البيروقراطية لمنتدى جدة الاقتصادية ومعرض الكتاب الدولي، حيث أثبتت الإحصاءات الاقتصادية، قدرة هذا القطاع الخدمي وإسهامه في الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 10 في المائة، أي ما يفوق القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية.
ختاماً، تلك هي التطلعات والآراء والتحليلات الصادقة، وهي أشبه بـ "بأماني" أطلقها المواطنون والمسؤولون، ورغبنا في أن تصل إلى أمير المنطقة بكل همومنا ومشكلاتنا .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي