صلاة الجمعة في بلاد غير المسلمين

[email protected]

ما زال الحديث موصولاً بأحكام صلاة الجمعة والرخص المتعلقة بها وسأتحدث عن عدد من المسائل، الأولى: صلاة الجمعة في بلاد غير المسلمين وسقوط الجمعة بسبب الدوام الرسمي أو الدراسة أو السجن ومن في حكمهم كالطبيب المناوب والحارس ونحوهم، فأما صلاة الجمعة في ديار غير المسلمين فإن حكم وجوب صلاة الجمعة يتوجه إلى المكلفين فيصلونها حسب حالهم وقدر استطاعتهم ومما اختصت به أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن جعلت لهم الأرض كلها مسجداً وطهوراً سواء كانت بلاد إسلام أو بلاد كفر فليس لمن يقيم من الجاليات الإسلامية أو للدراسة أو للعلاج ونحوه أن يترك العبادات الظاهرة بحجة أنه في بلاد غير المسلمين، بل يتأكد عليهم أن يعتزوا بدينهم ويظهروا شعائره الظاهرة في الجامعات وأماكن العمل حتى يكونوا دعاة لله بأعمالهم وكم هم الذين اعتنقوا الإسلام حين رأوا المصلين في صفوف منتظمة يقتدون بإمامهم مما أثار لديهم الرغبة في التعرف على الإسلام عن كثب ومعرفة أحكامه وتعاليمه التي توافق الفطر المستقيمة والعقول المتجردة عن الهوى والتكبر والنفوس السليمة من فتن الشهوات والشبهات، فالمسلمون يجب أن يكونوا دعاة لله بأعمالهم وأخلاقهم وسلوكهم وقولهم للناس حسنى ولا سيما ونحن في زمن وصم فيه الإسلام بالإرهاب والعنف وقتل الأبرياء وما دفع هذه التهمة بالقول فحسب بل بالقول والعمل والاعتزاز بشعائر الإسلام الظاهرة والباطنة وإن لزاماً على المسلمين اليوم أن يدافعوا عن دينهم ويظهروا أنه الرحمة للعالمين والنجاة والسعادة في الدارين، وإن كل حاقد أو مثير للفتن ينسب ذلك للإسلام وهو منه براء ولن يظهر هذا الدين إلا بالدعاة الصادقين الذين يدعون إلى الله على بصيرة وهدى.
في بعض البلاد لا يكون يوم الجمعة عطلة، بل يستمر فيه الدوام الرسمي مما يوقع الحرج في إقامة صلاة الجمعة لأنه يلزم من إقامتها الخروج من أماكن العمل أو الدراسة إلى المساجد لإقامة صلاة الجمعة، وقد سبق أن سئلت عن مثل هذه المسألة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله، فكان الجواب: صلاة الجمعة فريضة عينية لا يجوز تركها من أجل الدوام الرسمي أو الدراسة أو نحوهما والله سبحانه يقول: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب". أ. هـ
ولأن الجمعة لا تقضى بخلاف بقية الصلوات وصلاة الجمعة من أوكد فروض الإسلام ومن أعظم مجامع المسلمين وهي أعظم من كل مجمع يجتمعون فيه سوى مجمع عرفة، قال العراقي: مذاهب الأئمة متفقة على أنها فرض عين قال الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله"، هذا أمر وهو يفيد الوجوب وقال عليه الصلاة والسلام: "رواح الجمعة واجب على كل محتلم" وهو يوم لعظمه وشرفه استحب فيه أن يتفرغ للعبادة ويتخلى فيه عن أشغال الدنيا فهو مع غيره من الأيام كرمضان في الشهور وله على سائر الأيام مزية، كما لرمضان وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان ولهذا من صحت له جمعته وسلمت له صح وسلم له سائر أسبوعه فهو ميزان الأسبوع وعين الأسبوع ويوم اجتماع الناس وتذكيرهم بالمبدأ والمعاد، ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله قال: "ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم خير من يوم الجمعة هدانا الله له وضل الناس عنه" ويخشى من تركها الوعيد الوارد في ذلك فقد صح عن رسول الله أنه قال: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي